التفاسير

< >
عرض

فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ
٢٤
-فصلت

روح المعاني

{ فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } أي محل ثواء وإقامة أبدية لهم بحيث لا براح لهم منها، وترتيب الجزاء على الشرط لأن التقدير إن يصبروا والظن أن الصبر ينفعهم لأنه مفتاح الفرج لا ينفعهم صبرهم إذا لم يصادف محله فإن النار محلهم لا محالة، وقيل: في الكلام حذف والتقدير أو لا يصبروا كقوله تعالى: { ٱصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ } [الطور: 16] وقيل: المراد فإن يصبروا على ترك دينك واتباع هواهم فالنار مثوى لهم وليس بذاك. والالتفات للإيذان باقتضاء حالهم أن يعرض عنهم ويحكي سوء حالهم للغير أو للإشعار بإبعادهم عن حيز الخطاب وإلقائهم في غيابة دركات النار.

{ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } أي يسألوا العتبـى وهي الرجوع إلى ما يحبونه جزعاً مما هم فيه { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } أي المجابين إليها. وقال الضحاك: المراد إن يعتذروا فما هم من المعذورين. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وموسى الأسواري { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } مبنياً للمفعول { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } اسم فاعل أي إن طلب منهم أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون ولا يكون ذلك لأنهم قد فارقوا الدنيا دار الأعمال كما قال صلى الله عليه وسلم: "ليس بعد الموت مستعتب" ويحتمل أن تكون هذه القراءة بمعنى قوله عز وجل: { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [الأنعام: 28].