التفاسير

< >
عرض

وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
٤٨
-الزخرف

روح المعاني

{ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ ءايَةٍ } من الآيات { إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } أي من أية مثلها في كونها آية دالة على النبوة واستشكل بأنه يلزم كون كل واحدة من الآيات فاضلة ومفضولة معاً وهو يؤدي إلى التناقض وتفضيل الشيء على نفسه لعموم آية في النفي. وأجيب بأن الغرض من هذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه على معنى أن كل واحدة لكمالها في نفسها إذا نظر إليها قيل هي أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة المقصود على التمام كما قال الحماسي:

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري

وإذا لوحظ الكل توقف عن التفضيل بينهن. ولقد فاضلت فاطمة بنت خرشب الأنمارية بين أولادها الكملة ربيعة الحفاظ وعمارة الوهاب وأنس الفوارس ثم قالت [لما] أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت: ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها. وقال بعض الأجلة: المراد بأفعل الزيادة من وجه أي ما نريهم من آية إلا هي مختصة بنوعٍ من الإعجاز مفضلة على غيرها بذلك الاعتبار، ولا ضير في كون الشيء الواحد فاضلاً ومفضولاً باعتبارين، وقد أطال الكلام في ذلك جلال الدين الدواني في «حواشيه على الشرح الجديد للتجريد» فليراجع ذلك من أراده. وفي «البحر» قيل: كانت آياته عليه السلام من كبار الآيات وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها فعلى هذا يكون ثم صفة محذوفة أي من أختها السابقة عليها ولا يبقى في الكلام تعارض، ولا يكون ذلك الحكم في الآية الأولى لأنه لم يسبقها شيء فتكون أكبر منه، وذكر بعضهم في الأكبرية أن الأولى تقتضي علماً والثانية تقتضي علماً منضماً إلى علم الأولى فيزداد الرجوع انتهى، والأولى ما تقدم لشيوع ارادة ذلك المعنى من مثل هذا التركيب.

{ وَأَخَذْنَـٰهُم بِٱلْعَذَابِ } كالسنين والجراد والقمل وغيرها / { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } لكي يرجعوا ويتوبوا عما هم عليه من الكفر.