التفاسير

< >
عرض

فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٨٩
-الزخرف

روح المعاني

{ فَٱصْفَحِ } فأعرض { عَنْهُمْ } ولا تطمع في إيمانهم. وأصل الصفح لَيُّ صفحة العنق فكنى به عن الإعراض. { وَقُلْ } لهم { سَلَـٰمٌ } أي أمري سلام تسلم منكم ومتاركة فليس ذلك أمراً بالسلام عليهم والتحية وإنما هو أمر بالمتاركة. وحاصله إذا أبيتم القبول فأمري التسلم منكم، واستدل بعضهم بذلك على جواز السلام على الكفار وابتدائهم بالتحية، أخرج ابن أبـي شيبة عن شعيب بن الحبحاب قال: كنت مع علي بن عبد الله البارقي فمر علينا يهودي أو نصراني فسلم عليه قال شعيب: فقلت: إنه يهودي أو نصراني فقرأ عليَّ آخر سورة الزخرف { { وَقِيلِهِ يٰرَبّ } [الزخرف: 88] إلى الآخر. وأخرج ابن أبـي شيبة أيضاً عن عون بن عبد الله أنه قال قلت لعمر بن عبد العزيز كيف / تقول أنت في ابتداء أهل الذمة بالسلام؟ فقال: ما أرى بأساً أن نبتدئهم قلت لم؟ قال: لقوله تعالى: { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَـٰمٌ } ومما ذكرنا يعلم ضعفه، وقال السدي: المعنى قل خيراً بدلاً من شرهم، وقال مقاتل: اردد عليهم معروفاً، وحكى الماوردي أي قل ما تسلم به من شرهم والكل كما ترى والحق ما قدمنا.

{ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } حالهم السيئة وإن تأخر ذلك وهو وعيد من الله سبحانه لهم وتسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم. وقرأ أبو جعفر والحسن والأعرج ونافع وهشام { تعلمون } بتاء الخطاب على أنه داخل في حيز { قُلْ } وإن أريد من الآية الكف عن القتال فهي منسوخة وإن أريد الكف عن مقابلتهم بالكلام فليست بمنسوخة والله تعالى أعلم.