التفاسير

< >
عرض

طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ
٢١
-محمد

روح المعاني

{ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } كلام مستقل محذوف منه أحد الجزأين إما الخبر وتقديره خير لهم أو أمثل، وهو قول مجاهد ومذهب سيبويه والخليل، وإما المبتدأ وتقديره الأمر أو أمرنا طاعة أي الأمر المرضي لله تعالى طاعة، وقيل: أي أمرهم طاعة معروفة وقول معروف أي معلوم حال أنه خديعة، وقيل: هو حكاية قولهم قبل الأمر بالجهاد أي قالوا أمرنا طاعة ويشهد له قراءة أبـي { يَقُولُونَ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } وذهب بعض إلى أن { أَوْلَى } [محمد: 20] أفعل تفضيل مبتدأ و{ لَهُمْ } صلته واللام بمعنى الباء و{ طَاعَةٌ } خبر كأنه قيل فأولى بهم من النظر إليك نظر المغشي عليه من الموت طاعة وقول معروف، وعليه لا يكون كلاماً مستقلاً ولا يوقف على { لَهُمْ } ومما لا ينبغي أن يلتفت إليه ما قيل: إن { طَاعَةٌ } صفة لسورة في قوله تعالى: { { فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ } [محمد: 20] والمراد ذات طاعة أو مطاعة. وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بشيء لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف.

{ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ } أي جد والجد أي الاجتهاد لأصحاب الأمر إلا أنه أسند إليه مجازاً كما في قوله تعالى: { { إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأَمُورِ } [لقمان: 17] ومنه قول الشاعر:

قد جدت الحرب بكم فجدوا

والظاهر أن جواب { إِذَا } قوله تعالى: { فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ } وهو العامل فيها ولا يضر اقترانه بالفاء ولا تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها في مثله كما صرحوا به، وهذا نحو إذا جاء الشتاء فلو جئتني لكسوتك، وقيل: الجواب محذوف تقديره فإذا عزم الأمر كرهوا أو نحو ذلك قاله قتادة. وفي «البحر» من حمل { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } على أنهم يقولون ذلك خديعة قدر فإذا عزم الأمر ناقضوا وتعاصوا. ولعل من يجعل القول السابق للمؤمنين في ظاهر الحال وهم المنافقون جوز هذا التقدير أيضاً، وقدر بعضهم الجواب فاصدق وهو كما ترى. وأياً ما كان فالمراد فلو صدقوا الله فيما زعموا من الحرص على الجهاد ولعلهم أظهروا الحرص عليه كالمؤمنين الصادقين، وقيل: في قولهم: { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ }، وقيل: في إيمانهم.

{ لَكَانَ } أي الصدق { خَيْراً لَّهُمْ } مما ارتكبوه وهذا مبني على ما في زعمهم من أن فيه خيراً وإلا فهو في نفس الأمر لا خير فيه.