التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
٢٣

روح المعاني

{ وَقَالَ قَرِينُهُ } / أي شيطانه المقيض له في الدنيا كما قال مجاهد، وفي الحديث "ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن الله تعالى أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير" . { هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } إشارة إلى الشخص الكافر نفسه أي هذا ما عندي وفي ملكتي عتيد لجهنم قد هيأته لها بإغوائي وإضلالي، ولا ينافي هذا ما حكاه سبحانه عن القرين في قوله تعالى الآتي: { { قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } [ق: 27] لأن هذا نظير قول الشيطان: { { وَلأَضِلَّنَّهُمْ } [النساء: 119] وقوله: { { وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ } [إبراهيم: 22] وذاك نظير قوله: { { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ } [إبراهيم: 22]. وقال قتادة وابن زيد: قرينه الملك الموكل بسوقه يقول مشيراً إليه: هذا ما لدي حاضر، وقال الحسن: هو كاتب سيئاته يقول مشيراً إلى ما في صحيفته أي هذا مكتوب عندي عتيد مهيأ للعرض، وقيل: قرينه هنا عمله قلباً وجوارح وليس بشيء. و { مَا } نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد أوموصولة والظرف صلتها و { عَتِيدٌ } خبر بعد خبر لاسم الإشارة أو خبر لمبتدأ محذوف، وجوز أن يكون بدلاً من { مَا } بناء على أنه يجوز إبدال النكرة من المعرفة وإن لم توصف إذا حصلت الفائدة بإبدالها، وأما تقديره بشيء عتيد على أن البدل هو الموصوف المحذوف الذي قامت صفته مقامه أو إن { مَا } الموصولة لإبهامها أشبهت النكرة فجاز إبدالها منها فقيل عليه إنه ضعيف لما يلزم الأول من حذف البدل وقد أباه النحاة، والثاني لا يقول به من يشترط النعت فهو صلح من غير تراضي الخصمين. وقرأ عبد الله { عتيداً } بالنصب على الحال.