التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
٣٢

روح المعاني

{ هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ } إشارة إلى الجنة، والتذكير لما أن المشار إليه هو المسمى من غير قصد لفظ يدل عليه فضلاً عن تذكيره وتأنيثه فإنهما من أحكام اللفظ العربـي كما في قوله تعالى: { { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبّي } [الأنعام: 78] وقوله سبحانه: { { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ } [الأحزاب: 22]؛ ويجوز أن يكون ذلك لتذكير الخبر، وقيل: هو إشارة إلى الثواب. وقيل: إلى مصدر { { أُزْلِفَتْ } [قۤ: 31] والجملة بتقدير قول وقع حالاً من المتقين أو من الجنة والعامل { أُزْلِفَتْ } أي مقولاً لهم أو مقولاً في حقها هذا ما توعدون، أو اعتراض بين المبدل منه أعني { لّلْمُتَّقِينَ } والبدل أعني الجار والمجرور وفيه بعد. وصيغة المضارع لاستحضار الصورة الماضية. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو { يوعدون } بياء الغيبة، والجملة على هذه القراءة قيل: اعتراض أو حال من الجنة؛ وقال أبو حيان: هي اعتراض، والمراد هذا القول هو الذي وقع الوعد به وهو كما ترى.

وقوله تعالى: { لِكُلِّ أَوَّابٍ } أي رجاع إلى الله تعالى بدل من المتقين بإعادة الجار أومن { { لّلْمُتَّقِينَ } [قۤ: 31] على أن يكون الجار والمجرور بدلاً من الجار والمجرور { حَفِيظٌ } حفظ ذنوبه حتى رجع عنها كما روي عن ابن عباس وسعيد بن سنان، وقريب منه ما أخرج سعيد بن منصور وابن أبـي شيبة وابن المنذر عن يونس بن خباب قال: قال لي مجاهد: ألا أنبئك بالأواب الحفيظ؟ هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا فيستغفر الله تعالى منه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: أي حفيظ لما استودعه الله تعالى من حقه ونعمته. وأخرج ابن أبـي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير: كنا نعد الأواب الحفيظ الذي يكون في المجلس فإذا أراد أن يقوم قال: اللهم اغفر لي ما أصبت في مجلسي. هذا وقيل: هو الحافظ لتوبته من النقض ولا ينافيه صيغة { أَوَّابٌ } كما لا يخفى. وقوله تعالى شأنه: { مَّنْ خَشِىَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ }.