التفاسير

< >
عرض

ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ
٣٤

روح المعاني

{ ٱدْخُلُوهَا } بتأويل يقال لهم ادخلوها لمكان الإنشائية والجمع باعتبار معنى { { مَّنْ } [ق: 33] وقوله تعالى { { بِٱلْغَيْبِ } [ق: 33] متعلق بمحذوف هو حال من فاعل { { خَشِيَ } [ق: 33] أو من مفعوله أو صفة لمصدره أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه سبحانه وهو غائب عنه أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد. وقيل: الباء للآلة. والمراد بالغيب القلب لأنه مستور أي من خشي الرحمن بقلبه دون جوارحه بأن يظهر الخشية وليس في قلبه منها شيء وليس بشيء. والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه عز وجل راجون رحمته سبحانه أو بأن علمهم بسعة رحمته تبارك وتعالى لا يصدهم عن خشيته جل شأنه. وقال الإمام: يجوز أن يكون لفظ { { ٱلرَّحْمَـٰنُ } [قۤ: 33] إشارة إلى مقتضى الخشية لأن معنى الرحمن واهب الوجود بالخلق والرحيم واهب البقاء بالرزق وهو سبحانه في الدنيا رحمن حيث أوجدنا ورحيم حيث أبقانا بالرزق فمن يكون منه الوجود ينبغي أن يكون هو المخشي وما تقدم أولى. والباء في قوله تعالى: { { بِقَلْبٍ } [قۤ: 33] للمصاحبة، وجوز أن تكون للتعدية أي أحضر قلباً منيباً، ووصف القلب بالإنابة مع أنها يوصف بها صاحبه لما أن العبرة رجوعه إلى الله تعالى. وأغرب الإمام فجوز كون الباء للسببية فكأنه قيل: ما جاء إلا بسبب آثار العلم في قلبه أن لا مرجع إلا الله تعالى فجاء بسبب قلبه المنيب وهو كما ترى.

وقوله تعالى: { بِسَلامٍ } متعلق بمحذوف هو حال من فاعل { ٱدْخُلُوهَا } والباء للملابسة. والسلام إما من السلامة أو من التسليم أي ادخلوها ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم أو بتسليم وتحية من الله تعالى وملائكته.

{ ذٰلِكَ } إشارة إلى الزمان الممتد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور { يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } البقاء الذي لا انتهاء له أَبداً أو إشارة إلى وقت الدخول بتقدير مضاف أي ذلك يوم ابتداء الخلود وتحققه أو يوم تقدير الخلود أو إشارة إلى وقت السلام بتقدير مضاف أيضاً أي ذلك يوم إعلام الخلود أي الإعلام به.