التفاسير

< >
عرض

نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ
٤٥

روح المعاني

{ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } من نفي البعث وتكذيب الآيات الناطقة وغير ذلك مما لا خير فيه. وهذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم.

{ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي ما أنت مسلط عليهم تقسرهم على الإيمان أو تفعل بهم ما تريد وإنما أنت منذر، فالباء زائدة في الخبر و { عَلَيْهِمْ } متعلق به. ويفهم من كلام بعض الأجلة جواز كون { جَبَّارٍ } من جبره على الأمر قهره عليه بمعنى أجبره لا من أجبره إذ لم يجيء فَعَّال بمعنى مفعل من أفعل إلا فيما قل كدراك وسراع، وقال علي بن عيسى: لم يسمع ذلك إلا في دراك. وقيل: جبار من جبر بمعنى أجبر لغة كنانة وإن { عَلَيْهِمْ } متعلق بمحذوف وقع حالاً، أي ما أنت جبار تجبرهم على الإيمان والياً عليهم، وهو محتمل للتضمين وعدمه فلا تغفل. وقيل: أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم، وعليه قيل: الآية منسوخة، وقيل: هي منسوخة على غيره أيضاً بآية السيف.

{ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } فإنه لا ينتفع به غيره. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: «قالوا يا رسول الله لوخوفتنا فنزلت { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }» وما أنسب هذا الاختتام بالافتتاح بقوله سبحانه: { { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } [قۤ: 1].

هذا وللشيخ الأكبر قدس سره في قوله تعالى: { بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [قۤ: 15] ولغير واحد من الصوفية في قوله سبحانه: { { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } [قۤ: 16] كلام أشرنا إليه فيما سبق. ومنهم من يجعل { قۤ } إشارة إلى الوجود الحق المحيط بجميع الموجودات { { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } [البروج: 20] وقيل: هو إشارة إلى مقامات القرب، وقيل: غير ذلك. وطبق بعضهم سائر آيات السورة على ما في الأنفس وهو مما يعلم بأدنى التفات ممن له أدنى ممارسة لكلامهم والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.