التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٤
-الذاريات

روح المعاني

{ هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرٰهِيمَ } فيه تفخيم لشأن الحديث وتنبيه على أنه ليس مما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طريق الوحي قاله غير واحد، وفي «الكشف» فيه رمز إلى أنه لما فرغ من إثبات الجزاء لفظاً بالقسم ومعنى بما في المقسم به من التلويح إلى القدرة البالغة مدمجاً فيه صدق المبلغ، وقضى الوطر من تفصيله مَهَّدَ لإثبات النبوة وأن هذا الآتي الصادق حقيق بالاتباع لما معه من المعجزات الباهرة فقال سبحانه: { هَلْ أَتَاكَ } الخ، وضمن فيه تسليته عليه الصلاة والسلام بتكذيب قومه فله بسائر آبائه وإخوانه من الأنبياء عليهم السلام أسوة حسنة، هذا إذا لم يجعل قوله تعالى: { { وَفِى مُوسَىٰ } [الذاريات: 38] عطفاً على قوله سبحانه: { { وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ } [الذاريات: 20] وأما على ذلك التقدير فوجهه أن يكون قصة الخليل ولوط عليهما السلام معترضة للتسلي بإبعاد مكذبيه وأنه مرحوم منجى مكرم بالاصطفاء مثل أبيه إبراهيم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعليهم ـ والترجيح مع الأول انتهى ـ وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق بقوله سبحانه: { { وَفِى مُوسَىٰ } [الذاريات: 38].

والضيف في الأصل مصدر بمعنى الميل ولذلك يطلق على الواحد والمتعدد، قيل: كانوا اثني عشر ملكاً، وقيل: ثلاثة: جبرائيل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، وسموا ضيفاً لأنهم كانوا في صورة الضيف ولأن إبراهيم عليه السلام حسبهم كذلك، فالتسمية على مقتضى الظاهر والحسبان، وبدأ بقصة إبراهيم وإن كانت متأخرة عن قصة عاد لأنها أقوى في غرض التسلية.

{ ٱلْمُكْرَمِينَ } أي عند الله عز وجل كما قال الحسن فهو كقوله تعالى في الملائكة عليهم السلام: { { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26]، أو عند إبراهيم عليه السلام إذ خدمهم بنفسه وزوجته وعجل لهم القرى ورفع مجالسهم كما في بعض الآثار. وقرأ عكرمة { ٱلْمُكَرَّمِينَ } بالتشديد.