التفاسير

< >
عرض

هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٤
أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ
١٥
-الطور

روح المعاني

أي فيقال لهم ذلك يوم الخ، ومعنى التكذيب بها تكذيبهم بالوحي الناطق بها.

وقوله تعالى: { أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا } توبيخ وتقريع لهم حيث كانوا يسمونه سحراً كأنه قيل: كنتم تقولون للوحي الذي أنذركم بهذا سحراً أفهذا المصدق له سحر أيضاً، وتقديم الخبر لأنه المقصود بالإنكار والمدار للتوبيخ.

{ أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } أي أم أنتم عمي عن المخبر به كما كنتم في الدنيا عمياً عن الخبر، والفاء مؤذنة بما ذكر وذلك لأنها لما كانت تقتضي معطوفاً عليه يصح ترتب الجملة أعني { سِحْرٌ هَـٰذَا } عليه وكانت هذه جملة واردة تقريعاً مثل { { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ } [الطور: 14] الخ لم يكن بد من تقدير ذلك على وجه يصح الترتب ويكون مدلولاً عليه من السياق فقدّر كنتم تقولون إلى آخره، ودل عليه قوله تعالى: { { فِى خَوْضٍ يَلْعَبُونَ } [الطور: 12] وقوله سبحانه: { { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } [الطور: 14] وفي «الكشف» إن هذا نظير ما تستدل بحجة فيقول الخصم: هذا باطل فتأتى بحجة أوضح من الأولى مسكتة وتقول: أفباطل هذا؟! تعيره بالإلزام بأن مقالته الأولى كانت باطلة، وفي مثله جاز أن يقدر القول على معنى أفتقول باطل هذا وأن لا يقدر لابتنائه على كلام الخصم وهذا أبلغ.

و { أَمْ } كما هو الظاهر منقطعة. وفي «البحر» لما قيل لهم: { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ } وقفوا على الجهتين اللتين يمكن منهما دخول الشك في أنها النار وهي إما أن يكون ثمّ سحر يلبس ذات المرأى، وإما أن يكون في نظر الناظر اختلال، والظاهر أنه جعل { أَمْ } معادلة والأول أبعد مغزى.