التفاسير

< >
عرض

فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ
٢٩
-الطور

روح المعاني

{ فَذَكّرْ } فاثبت على ما أنت عليه من التذكير بما أنزل عليك من الآيات والذكر الحكيم ولا تكترث بما يقولون مما لا خير فيه من الأباطيل. { فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبّكَ بِكَـٰهِنٍ } هو الذي يخبر بالغيب بضرب من الظن، وخص الراغب الكاهن بمن يخبر بالأخبار الماضية الخفية كذلك، والعرّاف بمن يخبر بالأخبار المستقبلة كذلك، والمشهور في الكهانة الاستمداد من الجن في الإخبار عن الغيب. والباء في { بِكَـٰهِنٍ } مزيدة للتأكيد أي ما أنت كاهن { وَلاَ مَجْنُونٍ } واختلف في باء { بنعمة } فقال أبو البقاء: للملابسة؛ والجار والمجرور في موضع الحال والعامل فيه (كاهن) أو (مجنون)، والتقدير ما أنت كاهن ولا مجنون ملتبساً بنعمة ربك وهي حال لازمة لأنه عليه الصلاة والسلام ما زال ملتبساً بنعمة ربه عز وجل، وقيل: للقسم فنعمة ربك مقسم به، وجواب القسم ما علم من الكلام وهو ـ ما أنت بكاهن ولا مجنون ـ وهذا كما تقول: ما زيد والله بقائم وهو بعيد، والأقرب عندي أن الباء للسببية / وهو متعلق بمضمون الكلام، والمعنى انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله تعالى عليك، وهذا كما تقول ما أنا معسر بحمد الله تعالى وإغنائه، والمراد الرد على قائل ذلك، وإبطال مقالتهم فيه عليه الصلاة والسلام وإلا فلا امتنان عليه صلى الله عليه وسلم بانتفاء ما ذكر مع انتفائه عن أكثر الناس، وقيل: الامتنان بانتفاء ذلك بسبب النعمة المراد بها ما أوتيه صلى الله عليه وسلم من صدق النبوة ورجاحة العقل التي لم يؤتها أحد قبله، والقائلون بذلك هم الكفرة قاتلهم الله تعالى أنى يؤفكون، وممن قال كاهن: شيبة بن ربيعة، وممن قال مجنون: عقبة بن أبـي معيط.