التفاسير

< >
عرض

أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ
٣٠
-الطور

روح المعاني

{ أَمْ يَقُولُونَ } أي بل أيقولون { شَاعِرٌ } أي هو شاعر { نَتَرَبَّصُ } أي ننتظر { بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } أي الدهر، وهو فعول من المنّ بمعنى القطع لأنه يقطع الأعمار وغيرها، ومنه حبل منين أي مقطوع. والريب مصدر رابه إذا أقلقه أريد به حوادث الدهر وصروفه لأنها تقلق النفوس وعبر عنها بالمصدر مبالغة، وجوز أن يكون من راب عليه الدهر أي نزل، والمراد بنزوله إهلاكه، وتفسير المنون بالدهر مروي عن مجاهد، وعليه قول الشاعر:

تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوماً أو يموت حليلها

وبيت أبـي ذؤيب:

أمن المنون وريبة يتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع

قيل: ظاهره ذلك؛ وكذلك قول الأعشى:

أأن رأت رجلاً أعشى أضرّ به ريب المنون ودهر متبل خبل

ولهذا أنشده الجوهري شاهداً له. وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس تفسيره بالموت وهو مشترك بين المعنيين فقد قال المرزوقي في شرح بيت أبـي ذؤيب المار آنفاً: المنون قد يراد به الدهر فيذكر وتكون الرواية ريبه، وقد يراد به المنية فيؤنث، وقد روي ريبها، وقد يرجع له ضمير الجمع لقصد أنواع المنايا وريبها نزولها انتهى فلا تغفل، وهو أيضاً من المنّ بمعنى القطع فإنها قاطعة الأماني واللذات، ولذا قيل: المنية تقطع الأمنية، وريب المنون عليه نزول المنية، وجوز أن يكون بمعنى حادث الموت على أن الإضافة بيانية. روي أن قريشاً اجتمعت في دار الندوة وكثرت آراؤهم فيه عليه الصلاة والسلام حتى قال قائل منهم وهم بنو عبد الدار ـ كما قال الضحاك ـ تربصوا به ريب المنون فإنه شاعر سيهلك كما هلك زهير والنابغة والأعشى فافترقوا على هذه المقالة فنزلت. وقرأ زيد بن علي { يتربص } بالياء مبنياً للمفعول، وقرىء { ريب } بالرفع على النيابة.