التفاسير

< >
عرض

وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
٤٨
-الطور

روح المعاني

{ وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ } بإمهالهم إلى يومهم الموعود وإبقائك فيما بينهم مع مقاساة الأحزان ومعاناة الهموم { فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } أي في حفظنا وحراستنا، فالعين مجاز عن الحفظ، ويتجوز بها أيضاً عن الحافظ وهو مجاز مشهور، وفي «الكشاف» هو مثل أي بحيث نراك ونكلؤك، وجمع العين هنا لإضافته إلى ضمير الجمع ووحد في طه لإضافته إلى ضمير الواحد، ولوح الزمخشري في سورة المؤمنين إلى أن فائدة الجمع الدلالة على المبالغة في الحفظ كأن معه من الله تعالى حفاظاً يكلؤونه بأعينهم، وقال العلامة الطيبـي: إنه أفرد هنالك لإفراد الفعل وهو كلاءة موسى عليه السلام، وهٰهنا لما كان لتصبير الحبيب على المكايد ومشاق التكاليف والطاعات ناسب الجمع لأنها أفعال كثيرة كل منها يحتاج إلى حراسة منه عز وجل انتهى. ومن نظر بعين بصيرته علم من الآيتين الفرق بين الحبيب والكليم عليهما أفضل الصلاة وأكمل التسليم. ثم إن الكلام في نظير هذا على مذهب السلف مشهور. وقرأ أبو السمال ـ بأعينا ـ بنون مشددة.

{ وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } أي قل سبحان الله ملتبساً بحمده تعالى على نعمائه الفائتة الحصر، والمراد سبحه تعالى واحمده { حِينَ تَقُومُ } من كل مجلس قاله عطاء ومجاهد وابن جبير، وقد صح من رواية أبـي داود والنسائي وغيرهما عن أبـي برزة الأسلمي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أراد أن يقوم من المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إلٰه إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فسئل عن ذلك فقال: كفارة لما يكون في المجلس" والآثار في ذلك كثيرة، وقيل: حين تقوم إلى الصلاة، أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال: "حق على كل مسلم حين يقوم إلى الصلاة أن يقول: سبحان الله وبحمده لأن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ حِينَ تَقُومُ }" وأخرج سعيد بن منصور وغيره عن الضحاك أنه قال في الآية: حين تقوم إلى صلاة تقول هؤلاء الكلمات «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك» وحكاه في «البحر» عن ابن عباس؛ وأخرج عنه ابن مردويه أنه قال: «سبح بحمد ربك حين تقوم من فراشك إلى أن تدخل في الصلاة» وروي نحوه عن ابن السائب، وقال زيد أسلم: حين تقوم من القائلة والتسبيح إذ ذاك هو صلاة الظهر.