التفاسير

< >
عرض

أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ
١٢
-النجم

روح المعاني

أي أتكذبونه فتجادلونه على ما يراه معاينة فتمارونه عطف على محذوف على ما ذهب إليه الزمخشري من المراء وهو المجادلة واشتقاقه من مرى الناقة إذا مسح ظهرها وضرعها ليخرج لبنها وتدرّ به فشبه به الجدال لأن كلاً من المتجادلين يطلب الوقوف على ما عند الآخر ليلزمه الحجة فكأنه يستخرج درّه.

وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه وعبد الله وابن عباس والجحدري ويعقوب وابن سعدان وحمزة والكسائي وخلف { أَفَتَمْرُونه } بفتح التاء وسكون الميم مضارع مريت أي جحدت يقال: مريته حقه إذا جحدته، وأنشدوا لذلك قول الشاعر:

لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد (مريت) أخا ما كان يمريكا

/ أو مضارع مريته إذا غلبته في المراء على أنه من باب المغالبة، ويجوز حمل ما في البيت عليه. وعدي الفعل بعلى وكان حقه أن يعدى بفي لتضمينه معنى المغالبة فإن المجادل والجاحد يقصدان بفعلهما غلبة الخصم. وقرأ عبد الله فيما حكى ابن خالويه والشعبـي فيما ذكر شعبة { أفتمرونه } بضم التاء وسكون الميم مضارع أمريت قال أبو حاتم: وهو غلط.

والمراد بما يرى ما رآه من صورة جبريل عليه السلام، وعبر بالمضارع استحضاراً للصورة الماضية لما فيها من الغرابة، وفي «البحر» ((جيء بصيغة المضارع وإن كانت الرؤية قد مضت إشارة إلى ما يمكن حدوثه بعد))، وقيل: المراد: أفتمارونه على ما يرى من الصور التي يظهر بها جبريل عليه السلام بعد ما رآه قبل وحققه بحيث لا يشتبه عليه بأي صورة ظهر فالتعبير بالمضارع على ظاهره.