التفاسير

< >
عرض

عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ
١٤
-النجم

روح المعاني

هي شجرة نبق عن يمين العرش في السماء السابعة على المشهور، وفي حديث أخرجه أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم في السماء السادسة نبقها كقلال هجر وأوراقها مثل آذان الفيلة يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها، وأخرج الحاكم وصححه عن أسماء بنت أبـي بكر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً "يسير الراكب في الفنن منها مائة سنة" والأحاديث ظاهرة في أنها شجرة نبق حقيقة. والنبات في الشاهد يكون ترابياً ومائياً وهوائياً؛ ولا يبعد من الله تعالى أن يخلقه في أي مكان شاء وقد أخبر سبحانه عن شجرة الزقوم أنها تنبت في أصل الجحيم، وقيل: إطلاق السدرة عليها مجاز لأنها تجتمع عندها الملائكة عليهم السلام كما يجتمع الناس في ظل السدرة، و { ٱلْمُنتَهَىٰ } اسم مكان وجوز كونه مصدراً ميمياً، وقيل لها { سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } لأنها كما أخرج عبد بن حميد وابن أبـي حاتم عن ابن عباس إليها ينتهي علم كل عالم وما وراءها لا يعلمه إلا الله تعالى، أو لأنها ينتهي إليها علم الأنبياء عليهم السلام ويعزب علمهم عما وراءها، أو لأنها تنتهي إليها أعمال الخلائق بأن تعرض على الله تعالى عندها؛ أو لأنها ينتهي إليها ما ينزل من فوقها وما يصعد من تحتها، أو لأنها تنتهي إليها أرواح الشهداء أو أرواح المؤمنين مطلقاً، أو لانتهاء من رفع إليها في الكرامة. وفي «الكشاف» كأنها منتهى الجنة وآخرها. وإضافة سدرة إلى المنتهى من إضافة الشيء لمحله كما في أشجار البستان، وجوز أن تكون من إضافة المحل إلى الحال كما في قولك كتاب الفقه، وقيل: يجوز أن يكون المراد بالمنتهى الله عز وجل فالإضافة من إضافة الملك إلى المالك أي سدرة الله الذي إليه المنتهى كما قال سبحانه: { { وَأَنَّ إِلَىٰ رَبّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } [النجم: 42] وعد ذلك من باب الحذف والإيصال ولا يخفى أن هذا القول يكاد يكون المنتهى في البعد.