التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً
٢٨
-النجم

روح المعاني

وقوله تعالى: { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ } حال من فاعل { لَيُسَمُّونَ } [النجم: 27] وضمير { بِهِ } للمذكور من التسمية وبهذا الاعتبار ذكر، أو باعتبار القول أي يسمونهم إناثاً، والحال أنهم لا علم لهم بما يقولون أصلاً. وقرأ أبـيّ (بها) أي بالتسمية أو بالملائكة { إِن يَتَّبِعُونَ } أي ما يتبعون في ذلك { إِلاَّ ٱلظَّنَّ } أي التوهم الباطل { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ } أي جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار، وقيل: الإظهار ليستقل الكلام استقلال المثل { لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئًا } من الإغناء فإن الحق الذي هو عبارة عن حقيقة الشيء وما هو عليه إنما يدرك إدراكاً معتداً به إذا كان عن يقين لا عن ظن وتوهم فلا يعتدّ بالظن في شأن المعارف الحقيقية أعني المطالب الاعتقادية التي يلزم فيها الجزم ولو لم يكن عن دليل، وإنما يعتدّ به في العمليات وما يؤدي إليها. وفسر بعضهم الحق بالله عز وجل لقوله سبحانه: { { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } [الحج: 6].

واستدل بالآية من لم يعتبر / التقليد في الاعتقاديات ـ وفيه بحث ـ والظاهرية على إبطالِه مطلقاً وإبطال القياس، وَرَدُّهُ على أتم وجه في الأصول. وما أخرج ابن أبـي حاتم عن أيوب قال: قال عمر بن الخطاب: احذروا هذا الرأي على الدّين فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيباً لأن الله تعالى كان يريه وإنما هو منا تكلف وظن { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئاً } هو أحد أدلتهم على إبطال القياس أيضاً، وقد حكى الآمدي في «الأحكام» نحوه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقال: قال ابن عمر: اتهموا الرأي عن الدّين فإن الرأي منا تكلف وظن { وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِى مِنَ ٱلْحَقّ شَيْئاً } وأجاب عنه بأن غايته الدلالة على احتمال الخطأ فيه وليس فيه ما يدل على إبطاله، وأن المراد بقوله: { إَنَّ ٱلظَّنَّ } الخ استعمال الظن في مواضع اليقين وليس المراد به إبطال الظن بدليل صحة العمل بظواهر الكتاب والسنة، ويقال نحو هذا في كلام عمر رضي الله تعالى عنه، وقد ذكر جملة من الآثار استدل بها المبطل على ما زعمه وَردها كلها فمن أراد ذلك فليراجعه.