التفاسير

< >
عرض

فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ
٩
-النجم

روح المعاني

{ فَكَانَ } أي جبريل عليه السلام من النبـي صلى الله عليه وسلم { قَابَ قَوْسَيْنِ } أي من قسي العرب لأن الإطلاق ينصرف إلى متعارفهم، والقاب وكذا القيب والقاد والقيد والقيس المقدار. وقرأ زيد بن علي (قاد)، وقرىء (قيد) و(قدر)، وقد جاء التقدير بالقوس كالرمح والذراع وغيرهما، ويقال على ما بين مقبض القوس وسيتها، وهي ما عطف من طرفيها فلكل قوس قابان، وفسر به هنا قيل: وفي الكلام عليه قلب أي فكان قابي قوس، وفي «الكشف» لك أن تقول قابا قوس وقاب قوسين واحد دون قلب، وعن مجاهد والحسن أن قاب القوس ما بين وترها ومقبضها ولا حاجة إلى القلب عليه أيضاً فإن هذا على ما قال الخفاجي إشارة إلى ما كانت العرب في الجاهلية تفعله إذا تحالفوا فإنهم كانوا يخرجون قوسين ويلصقون إحداهما بالأخرى فيكون القاب ملاصقاً للآخر حتى كأنهما ذا قاب واحد ثم ينزعونهما معاً ويرمون بهما سهماً واحداً فيكون ذلك إشارة إلى أن رضا أحدهم رضا الآخر وسخطه سخطه لا يمكن خلافه، وعن ابن عباس القوس هنا ذراع يقاس به الأطوال وإليه ذهب أبو رزين، وذكر الثعلبـي أنه من لغة الحجاز، وأياً ما كان فالمعنى على حذف مضاف أي فكان ذا قاب قوسين ونحوه قوله:

فأدرك إبقاء لعرادة ظلعها وقد جعلتني من (خزيمة أصبعا)

فإنه على معنى: ذا مقدار أصبع وهو القرب فكأنه قيل فكان قريباً منه، وجوز أن يكون ضمير (كان) للمسافة بتأويلها بالبعد ونحوه فلا حاجة إلى اعتبار الحذف وليس بذاك.

{ أَوْ أَدْنَىٰ } أي أو أقرب من ذلك، و { أَوْ } للشك من جهة العباد على معنى إذا رآه الرائي يقول: هو قاب قوسين أو أدنى، والمراد إفادة شدة القرب.