التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ
٤٨
-القمر

روح المعاني

وقوله تعالى: { يَوْمَ يُسْحَبُونَ } أي يجرون { فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } متعلق بقول مقدر بعده أي يوم يسحبون يقال لهم { ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } وجوز أن يكون متعلقاً بمقدر يفهم مما قبل أي يعذبون، أو يهانون أو نحوه، وجملة القول عليه حال من ضمير { يُسْحَبُونَ } وجوز كونه متعلقاً ـ بذوقوا ـ على أن الخطاب للمكذبين المخاطبين في قوله تعالى: { { أَكُفَّـٰرُكُمْ } [القمر: 43] الخ أي ذوقوا أيها المكذبون محمداً صلى الله عليه وسلم يوم يسحب المجرمون المتقدمون، والمراد حشرهم معهم والتسوية بينهم في الآخرة كما ساووهم في الدنيا وهو كما ترى. والمراد ـ بمس سقر ـ ألمها على أنه مجاز مرسل عنه بعلاقة السببية فإن مسها سبب للتألم بها وتعلق الذوق بمثل ذلك شائع في الاستعمال، وفي «الكشاف» { مَسَّ سَقَرَ } كقولك وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب لأن النار إذا أصابتهم بحرها ولفحتهم بإيلامها فكأنها تمسهم مساً بذلك كما يمس الحيوان ويباشر بما يؤذي ويؤلم وهو مشعر بأن في الكلام استعارة مكنية نحو { { يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ } [البقرة: 27] ويحتمل غير ذلك.

{ وسقر } علم لجهنم ـ أعاذنا الله تعالى منها ببركة كلامه العظيم وحرمة حبيبه عليه أفضل الصلاة وأكمل التسليم ـ من سقرته للنار وصقرته ـ بإبدال السين صاداً لأجل القاف ـ إذا لوحته وغيرت لونه قال ذو الرمة يصف ثور الوحش:

إذا ذابت الشمس اتقى صقراتها بأفنان مربوع الصريمة معبل

وعدم الصرف للعلمية والتأنيث.

وقرأ عبد الله (إلى النار)، وقرأ محبوب عن أبـي عمرو (مَسَّقَر) بإدغام السين في السين، وتعقب ذلك ابن مجاهد بأن إدغامه خطأ لأنه مشدد، والظن بأبـي عمرو أنه لم يدغم حتى حذف إحدى السينين لاجتماع الأمثال ثم أدغم.