التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٧
فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ
٦٨
-الرحمن

روح المعاني

عطف الأخيرين على الفاكهة عطف جبريل وميكال عليهما السلام على الملائكة بياناً لفضلهما، وقيل: إنهما في الدنيا لما لم يخلصا للتفكه فإن النخل ثمرة فاكهة وطعام، والرمان فاكهة ودواء عدا جنساً آخر فعطفا على الفاكهة وإن كان كل ما في الجنة للتفكه لأنه تلذذ خالص، ومنه قال الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: إذا حلف لا يأكل فاكهة فأكل رماناً أو رطباً لم يحنث، وخالفه صاحباه.

ثم إن نخل الجنة ورمانها وراء ما نعرفه. أخرج ابن المبارك وابن أبـي شيبة وهناد وابن أبـي الدنيا وابن المنذر والحاكم وصححه وآخرون عن ابن عباس نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكرانيفها ذهب أحمر وسعفها كسوة أهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد وليس له عجم. وحكمه حكم المرفوع. وفي حديث أبـي سعيد الخدري مرفوعاً «أصوله فضة وجذوعه فضة وسعفه حلل وحمله الرطب» الخ. وأخرج ابن أبـي حاتم وابن عساكر "عن أبـي سعيد مرفوعاً قال عليه الصلاة والسلام: نظرت إلى الجنة فإذا الرمانة من رمانها كمثل البعير المقتب" وهذا المدح بحسب الظاهر دون المدح في قوله تعالى في الجنتين السابقتين: { { فِيهِمَا مِن كُلّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ } [الرحمٰن: 52] ومن ذهب إلى تفضيلهما يقول إن التنوين في (فاكهة) للتعميم بقرينة المقام نظير ما قيل في قوله تعالى: { { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } [التكوير: 14] فيكون في قوة فيها كل فاكهة ويزيد ما في النظم الجليل على ما ذكر بتضمنه الإشارة إلى مدح بعض أنواعها. وقال الإمام الرازي: إن { مَا } هنا كقوله تعالى: { فِيهِمَا مِن كُلّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ } وذلك لأن الفاكهة أنواع أرضية وشجرية كالبطيخ وغيره من الأرضيات المزروعات والنخل وغيرها من الشجريات فقال تعالى: { { مُدْهَامَّتَانِ } [الرحمٰن: 64] لأنواع الخضر التي فيها الفواكه الأرضية، وفيها أيضاً الفواكه الشجرية وذكر سبحانه منها نوعين الرطب والرمان لأنهما متقابلان أحدهما حلو والآخر فيه حامض، وأحدهما حار والآخر بارد، وأحدهما فاكهة وغذاء والآخر فاكهة، واحدهما من فواكه البلاد الحارة والآخر من فواكه البلاد الباردة، وأحدهما أشجاره تكون في غاية الطول والآخر ليس كذلك، وأحدهما ما يؤكل منه بارز وما لا يؤكل كامن والآخر بالعكس فهما كالضدين، والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما كما في قوله تعالى: { { رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ } [الرحمٰن: 17] انتهى، ولعل الأول أولى.