التفاسير

< >
عرض

إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ
١
-الواقعة

روح المعاني

أي إذا حدثت القيامة على أن { وَقَعَتِ } بمعنى حدثت. و { ٱلْوَاقِعَةُ } علم - بالغلبة أو منقول - للقيامة، وصرح ابن عباس بأنها من أسمائها. وسميت بذلك للإيذان بتحقق وقوعها لا محالة كأنها واقعة في نفسها مع قطع النظر عن الوقوع الواقع في حيز الشرط، فليس الإسناد كما في ـ جاءني جاء ـ فإنه لغو لدلالة كل فعل على فاعل له غير معين، وقال الضحاك: { ٱلْوَاقِعَةُ } الصيحة وهي النفخة في الصور، وقيل: { ٱلْوَاقِعَةُ } صخرة بيت المقدس تقع يوم القيامة وليس بشيء.

و { إِذَا } ظرف متضمن معنى الشرط على ما هو الظاهر، والعامل فيها عند أبـي حيان الفعل بعدها فهي عنده في موضع نصب ـ بوقعت ـ كسائر أسماء الشرط وليست مضافة إلى الجملة، والجمهور على إضافتها فقيل: هي هنا قد سلبت الظرفية ووقعت مفعولاً به لاذكر محذوفاً، وقيل: لم تسلب ذلك وهي منصوبة بليس، وصنيع الزمخشري يشعر باختياره. وقيل: بمحذوف وهو الجواب أي إذا وقعت الواقعة كان كيت وكيت، قال في «الكشف» هذا الوجه العربـي الجزل فالنصب بإضمار اذكر إنما كثر في إذ، وبليس إنما يصح إذا جعلت لمجرد الظرفية وإلا لوجب الفاء في ليس، وأبو حيان تعقب النصب بليس بأنه ((لا يذهب إليه نحوي لأن ليس في النفي كـ (ما) وهي لا تعمل، فكذا ليس فإنها مسلوبة الدلالة على الحدث والزمان، والقول: بأنها فعل على سبيل المجاز، والعامل في الظرف إنما هو ما يقع فيه من الحدث فحيث لا حدث فيها لا عمل لها فيه))، ثم ذكر نحو ما ذكر صاحب «الكشف» من وجوب الفاء في ليس إذا لم تجرد عن الشرطية؛ واعترض دعواه أن (ما) لا تعمل بأنهم صرحوا بجواز تعلق الظرف بها لتأويلها بانتفى وأنه يكفي له رائحة الفعل، ويقال عليها في ذلك ليس، وكذا دعوى وجوب الفاء في ليس إذا لم تجرد { إِذَا } عن الشرطية بأن لزوم الفاء مع الأفعال الجامدة إنما هو في جواب إن الشرطية لعملها كما صرحوا به. وأما { إِذَا } فدخول الفاء في جوابها على خلاف الأصل. وسيأتي إن شاء الله تعالى فيها قولان آخران. وبعد القيل والقال الأولى كون العامل محذوفاً وهو الجواب كما سمعت. وفي إبهامه تهويل وتفخيم لأمر الواقعة.