التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً
٣٥
-الواقعة

روح المعاني

لأن الضمير في الأغلب / يعود على مذكور متقدم وليس إلا الفرش ولا يناسب العود إليه إلا بهذا المعنى والاستخدام بعيد هنا، وعلى القول في الفرش الضمير للنساء وإن لم يجر لها ذكر لتقدم ما يدل عليها فهو تتميم بياناً لمقدر يدل عليه السياق كأنه قيل وفرش مرفوعة ونساء أو وحور عين، ثم استؤنف وصفهن بقوله سبحانه: { إِنَّا أَنشَأْنَـٰهُنَّ } تتميماً للبيان زيادة للترغيب لا لتعليل الرفع، وقيل: إن المرجع مضمر وتقدير المنزل وفرش مرفوعة لأزواجهم أو لنسائهم فإنا الخ استئناف علة للرفع أي وفرش مرفوعة لأزواجهم لأنا أنشأناهن، والأول أوفق لبلاغة القرآن العظيم.

والمراد بأنشأناهن أعدنا إنشاءهن من غير ولادة لأن المخبر عنهن بذلك نساء كن في الدنيا. فقد أخرج ابن جرير وعبد بن حميد والترمذي وآخرون عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الآية إن المنشآت اللاتي كن في الدنيا عجائز عمشاً رمصاً" وأخرج الطبراني وابن أبـي حاتم وجماعة "عن سلمة بن مرثد الجعفي قال: سمعت النبـي صلى الله عليه وسلم يقول في قوله تعالى: { إِنَّا أَنشَأْنَـٰهُنَّ إِنشَاءً } الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا" وأخرج الترمذي في «الشمائل» وابن المنذر وغيرهما عن الحسن قال: "أتت عجوز فقالت: يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال: يا أم فلان إن الجنة لا تدخلها عجوز فولت تبكي قال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله تعالى يقول: { إِنَّا أَنشَأْنَـٰهُنَّ إِنشَاءَ }" الخ، وقال أبو حيان: الظاهر أن الإنشاء هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق ويكون ذلك مخصوصاً بالحور العين فالمعنى إنا ابتدأناهن ابتداءاً جديداً من غير ولادة ولا خلق أول.