التفاسير

< >
عرض

فَشَارِبُونَ شُرْبَ ٱلْهِيمِ
٥٥
-الواقعة

روح المعاني

قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك: جمع أهيم وهو الجمل الذي أصابه الهيام بضم الهاء وهو داء يشبه الاستسقاء يصيب الإبل فتشرب حتى تموت، أو تسقم سقماً شديداً، ويقال إبل هيماء وناقة هيماء كما يقال: جمل أهيم قال الشاعر:

فأصبحت (كالهيماء لا الماء مبرد صداها) ولا يقضي عليها هيامها

وجعل بعضهم الهيم هنا جمع الهيماء، وقيل: هو جمع هائم أو هائمة، وجمع فاعل على فعل كبازل وبزل شاذ، وعن ابن عباس أيضاً وسفيان { ٱلْهِيمِ } الرمال التي لا تروى من الماء لتخلخلها ومفرده هيام بفتح الهاء على المشهور كسحاب وسحب ثم خفف وفعل به ما فعل بجمع أبيض من قلب الضمة كسرة لتسلم الياء ويخف اللفظ فكسرت الهاء لأجل الياء وهو قياس مطرد في بابه، وقال ثعلب: هو بالضم كقراد وقرد ثم خفف وفعل به ما فعل مما سمعت والعطف بالفاء قيل: لأن الإفراط بعد الأصلي، وقيل: لأن كلاً من المتعاطفين أخص من الآخر فإن شارب الحميم قد لا يكون به داء الهيام ومن به داء الهيام قد يشرب غير الحميم، والشرب الذي لا يحصل الري ناشيء عن شرب الحميم لأنه لا يبل الغليل، والذي أختاره ما قاله مفتي الديار الرومية: إن ذلك كالتفسير لما قبله أي لا يكون شربكم شرباً معتاداً بل يكون مثل شرب الهيم.

والشرب بالضم مصدر، وقيل: اسم لما يشرب. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ كما روى جماعة منهم الحاكم وصححه ـ عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما { شرب } بفتح الشين وهو مصدر شرب المقيس، وبذلك قرأ جمع من السبعة والأعرج وابن المسيب وشعيب ومالك بن دينار وابن جريج، وقرأ مجاهد وأبو عثمان النهدي بكسر الشين وهو اسم بمعنى المشروب لا مصدر كالطحن والرعي.