التفاسير

< >
عرض

فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ
٧٨
-الواقعة

روح المعاني

وقوله تعالى: { فِي كِتَـٰبِ مَّكْنُونٍ } وصف آخر للقرآن، أي كائن في كتاب مصون عن غير المقربين من الملائكة عليهم السلام لا يطلع عليه من سواهم، فالمراد به اللوح المحفوظ كما روي عن الربيع بن أنس وغيره، وقيل: أي في كتاب مصون عن التبديل والتغيير وهو المصحف الذي بأيدي المسلمين ويتضمن ذلك الإخبار بالغيب لأنه لم يكن إذ ذاك مصاحف، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة أنه قال: في كتاب أي التوراة والإنجيل، وحكى ذلك في «البحر» ثم قال: كأنه قال: ذكر في كتاب مكنون كرمه وشرفه، فالمعنى على هذا الاستشهاد بالكتب المنزلة انتهى.

والظاهر أنه أريد على هذا بالكتاب الجنس لتصح إرادة التوراة والإنجيل، وفي وصف ذلك بالمكنون خفاء ولعله أريد به جليل الشأن عظيم القدر فإن الستر كاللازم للشيء الجليل، وجوز إرادة هذا المعنى المجازي / على غير هذا القول من الأقوال، وقيل: الكتاب المكنون قلب المؤمن وهو كما ترى. وقيل: المراد من كونه في كتاب مكنون كونه محفوظاً من التغيير والتبديل ليس إلا كما قال تعالى: { { وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ } [الحجر: 9] والمعول عليه ما تقدم، وجوز تعلق الجار بكريم كما يقال زيد كريم في نفسه، والمعنى إنه كريم في اللوح المحفوظ وإن لم يكن كريماً عند الكفار، والوصفية أبلغ كما لا يخفى.