التفاسير

< >
عرض

أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ
٨١
-الواقعة

روح المعاني

{ أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } أي أتعرضون فبهذا الحديث الذي ذكرت نعوته الجليلة الموجبة لإعظامه وإجلاله والإيمان بما تضمنه وأرشد إليه وهو القرآن الكريم { أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاوناً به، وأصل الادهان كما قيل: جعل الأديم ونحوه مدهوناً بشيء من الدهن ولما كان ذلك مليناً ليناً محسوساً يراد به اللين المعنوي على أنه تجوز به عن مطلق اللين أو استعير له، ولذا سميت المداراة مداهنة وهذا مجاز معروف ولشهرته صار حقيقة عرفية، ولذا تجوز به هنا عن التهاون أيضاً لأن المتهاون بالأمر / لا يتصلب فيه، وعن ابن عباس والزجاج { مُّدْهِنُونَ } أي مكذبون، وتفسيره بذلك لأن التكذيب من فروع التهاون. وعن مجاهد أي منافقون في التصديق به تقولون للمؤمنين آمنا به وإذا خلوتم إلى إخوانكم قلتم إنا معكم والخطاب عليه للمنافقين وما قدمناه أولى، والخطاب عليه للكفار كما يقتضيه السياق. وجوز أن يراد بهذا الحديث ما تحدثوا به من قبل في قوله سبحانه: { { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَ ءابَاؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } [الواقعة: 47-48] فالكلام عود إلى ذلك بعد رده كأنه قيل: أفبهذا الحديث الذي تتحدثون به في إنكار البعث أنتم مدهنون أصحابكم أي تعلمون خلافه وتقولونه مداهنة أم أنتم به جازمون وعلى الإصرار عليه عازمون، ولا يخفى بعده، وفيه مخالفة لسبب النزول وستعلمه قريباً إن شاء الله تعالى.