{ تَرْجِعُونَهَا } أي الروح إلى مقرها والقائلون بالتجرد يقولون أي ترجعون تعلقها كما كان أولاً. / { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في اعتقادكم عدم خالقيته تعالى فإن عدم تصديقهم بخالقيته سبحانه لهم عبارة عن تصديقهم بعدمها على مذهبهم، وفي «البحر» وغيره إن كنتم صادقين في تعطيلكم وكفركم بالمحي والمميت المبدىء المعيد ونسبتكم إنزال المطر إلى الأنواء دونه عز وجل. و{ تَرْجِعُونَ } المذكور هو العامل ـ بإذا ـ الظرفية في
{ { إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } [الواقعة: 83] وهو المحضض عليه ـ بلولا ـ الأولى، و { لَوْلاَ } الثانية تكرير للتأكيد، و { لَوْلاَ } الأولى مع ما في حيزها دليل جواب الشرط الأول أعني { { إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } [الواقعة: 86] والشرط الثاني مؤكد للأول مبين له، وقدم أحد الشرطين على { تَرْجِعُونَهَا } للاهتمام والتقدير ـ فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مربوبين صادقين فيما تزعمونه من الاعتقاد الباطل فلولا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم ـ وحاصل المعنى أنكم إن كنتم غير مربوبين كما تقتضيه أقوالكم وأفعالكم فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن إذا بلغت الحلقوم وتردونها كما كانت بقدرتكم أو بواسطة علاج للطبيعة، وقوله تعالى: { { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } [الواقعة: 84] جملة حالية من فاعل { { بَلَغَتِ } [الواقعة: 83] والاسمية المقترنة بالواو لا تحتاج في الربط للضمير لكفاية الواو فلا حاجة إلى القول بأن العائد ما تضمنه حينئذٍ لأن التنوين عوض عن جملة أي فلولا ترجعونها زمان بلوغها الحلقوم حال نظركم إليه وما يقاسيه من هول النزع مع تعطفكم عليه وتوفركم على إنجائه من المهالك، وقوله سبحانه: { { وَنَحْنُ أَقْرَبُ } [الواقعة: 85] الخ اعتراض يؤكد ما سيق له الكلام من توبيخهم على صدور ما يدل على سوء اعتقادهم بربهم سبحانه منهم، وفي جواز جعله حالاً مقال. وقال أبو البقاء: { تَرْجِعُونَهَا } جواب { لَوْلاَ } الأولى، وأغنى ذلك عن جواب الثانية، وقيل: عكس ذلك. وقيل: { إِن كُنتُمْ } شرط دخل على شرط فيكون الثاني مقدماً في التقدير ـ أي إن كنتم صادقين إن كنتم غير مربوبين فارجعوا الأرواح إلى الأبدان ـ وما ذكرناه سابقاً اختيار جار الله وأياً مّا كان.