التفاسير

< >
عرض

فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ
٨
وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ
٩
-الواقعة

روح المعاني

وقوله تعالى: { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ } تفصيل للأزواج الثلاثة مع الإشارة الاجمالية إلى أحوالهم قبل تفصيلها، والدائر على ألسنتهم أن { أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ } مبتدأ، وقوله تعالى: { مَا أَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ } { مَا } فيه استفهامية مبتدأ ثان و { أَصْحَـٰبُ } خبره، والجملة خبر المبتدأ الأول والرابط الظاهر القائم مقام الضمير، وكذا يقال في قوله تعالى: { وَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَشْـئَمَةِ } الخ، والأصل في الموضعين ما هم؟ أي أيّ شيء هم في حالهم وصفتهم فإن { مَا } وإن شاعت في طلب مفهوم الاسم والحقيقة لكنها قد تطلب بها الصفة والحال كما تقول ما زيد؟ فيقال: عالم، أو طبيب فوضع الظاهر موضع الضمير لكونه أدخل في المقصود وهو التفخيم في الأول والتفظيع في الثاني، والمراد تعجيب السامع من شأن الفريقين في الفخامة والفظاعة كأنه قيل: فأصحاب الميمنة في غاية حسن الحال وأصحاب المشأمة في نهاية سوء الحال، وقيل: جملة { مَا أَصْحَـٰبُ } خبر بتقدير القول على ما عرف في الجملة الإنشائية إذا وقعت خبراً أي مقول في حقهم { مَا أَصْحَـٰبُ } الخ فلا حاجة إلى جعله من إقامة الظاهر مقام الضمير وفيه نظر.

و { ٱلْمَيْمَنَةِ } ناحية اليمين، أو اليمن والبركة، { والمشأمة } ناحية الشمال من اليد الشؤمى وهي الشمال، أو هي من الشؤم مقابل اليمن، ورجح إرادة الناحية فيهما بأنها أوفق بما يأتي في التفصيل. واختلفوا في الفريقين فقيل: أصحاب الميمنة أصحاب المنزلة السنية، وأصحاب المشأمة أصحاب المنزلة الدنية أخذاً من تيمنهم بالميامن وتشؤمهم بالشمائل كما تسمع في السانح والبارح، وهو مجاز شائع، وجوز أن يكون كناية، وقيل: الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم والذين يؤتونها بشمائلهم، وقيل: الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة والذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، وقيل: أصحاب اليمن وأصحاب الشؤم، فإن السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم والأشقياء مشائيم على أنفسهم / بمعاصيهم، وروي هذا عن الحسن والربيع.