التفاسير

< >
عرض

ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

روح المعاني

{ ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ } أي أخفتم الفقر لأجل تقديم الصدقات فمفعول { أشفقتم } محذوف، و { أن } على إضمار حرف التعليل، ويجوز أن يكون المفعول { أَن تُقَدّمُواْ } فلا حذف أي أخفتم تقديم الصدقات لتوهم ترتب الفقر عليه. وجمع الصدقات لما أن الخوف لم يكن في الحقيقة من تقديم صدقة واحدة لأنه ليس مظنة الفقر بل من استمرار الأمر، وتقديم { صَدَقَـٰتٍ } وهذا أولى مما قيل: إن الجمع لجمع المخاطبين إذ يعلم منه وجه إفراد الصدقة فيما تقدم على قراءة الجمهور.

{ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ } ما أمرتم به وشق عليكم ذلك { وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بأن رخص لكم المناجاة من غير تقديم صدقة، وفيه على ما قيل: إشعار بأن إشفاقهم ذنب تجاوز الله تعالى عنه لما رؤي منهم من الانقياد وعدم خوف الفقر بعد ما قام مقام توبتهم { وَإِذْ } على بابها أعني أنها ظرف لما مضى، وقيل: إنها بمعنى إذ الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى: { { إِذِ ٱلأَغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } [غافر: 71]. وقيل: بمعنى إن الشرطية كأنه قيل: فإن لم تفعلوا { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ وَءاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ } والمعنى على الأول إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، واعتبرت المثابرة لأن المأمورين مقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة، وعدل عن فصلوا إلى { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ } ليكون المراد المثابرة على توفية حقوق الصلاة ورعاية ما فيه كمالها لا على أصل فعلها فقط، ولما عدل عن ذلك لما ذكر جيء بما بعده على وزانه؛ ولم يقل وزكوا لئلا يتوهم أن المراد الأمر بتزكية النفس كذا قيل فتدبر { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي في سائر الأوامر، ومنها ما تقدم في ضمن قوله تعالى: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِى ٱلْمَجَـٰلِسِ فَٱفْسَحُواْ } [المجادلة: 11] الآيات وغير ذلك. / { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ظاهراً وباطناً. وعن أبـي عمرو ـ يعملون ـ بالتحتية.