التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ
٣
-الحشر

روح المعاني

{ وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَء } أي الإخراج أو الخروج عن أوطانهم على ذلك الوجه الفظيع { لَعَذَّبَهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا } بالقتل كأهل بدر وغيرهم أو كما فعل سبحانه ببني قريظة في سنة خمس إذ الحكمة تقتضيه لو لم يكتب الجلاء عليهم. وجاء أجليت القوم عن منازلهم أي أخرجتهم عنها وأبرزتهم، وجلوا عنها خرجوا وبرزوا، ويقال أيضاً: جلاهم؛ وفرق بعضهم بين الجلاء والإخراج بأن الجلاء ما كان مع الأهل والولد، والإخراج قد يكون مع بقاء الأهل والولد. وقال الماوردي: الجلاء لا يكون إلا لجماعة، والإخراج قد يكون لواحد ولجماعة. ويقال فيه: الجلأ مهموزاً من غير ألف كالنبأ، وبذلك قرأ الحسن بن صالح وأخوه علي بن صالح وطلحة. و(أن) مصدرية لا مخففة واسمها ضمير شأن كما توهمه عبارة «الكشاف»، وقد صرح بذلك الرضي.

وقوله تعالى: { وَلَهُمْ فِى ٱلأَخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } استئناف غير متعلق بجواب { لَوْلاَ } أي إنهم إن نجوا من عذاب الدنيا وهو القتل لأمر أشق عليهم وهو الجلاء لم ينجوا من عذاب الآخرة؛ فليس تمتعهم أياماً قلائل بالحياة وتهوين أمر الجلاء على أنفسهم بنافع، وفيه إشارة إلى أن القتل أشدّ من الجلاء لا لذاته بل لأنهم يصلون عنده إلى عذاب النار، وإنما أوثر الجلاء لأنه أشق عندهم وأنهم غير معتقدين لما أمامهم من عذاب النار أو معتقدون ولكن لا يبالون به بالة، ولم تجعل حالية لاحتياجها للتأويل لعدم المقارنة.