التفاسير

< >
عرض

وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٧
-الأنعام

روح المعاني

{ وَقَالُواْ } أي رؤساء قريش الذين بلغ بهم الجهل والضلال إلى حيث لم يقنعوا بما شاهدوه من الآيات التي تخر لها صم الجبال ولم يعتدوا به { لَوْلاَ } أي هلا { نُزَّلَ } أي أنزل { عَلَيْهِ ءايَةٌ مّن رَّبّهِ } ملجئة للإيمان { قُلْ } يا محمد { إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ ءايَةً } من الآيات الملجئة { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } فلا يدرون أن عدم تنزيلها مع ظهور قدرته سبحانه وتعالى عليه لما أن في تنزيلها قلعاً لأساس التكليف المبني على قاعدة الاختيار أو استئصالاً لهم بالكلية إذ ذلك من لوازم جحد الآية الملجئة وجوز أن لا يكونوا قد طلبوا الملجيء ولا يلزم من عدم الاعتداد بالمشاهد طلبه بل يجوز أن يكونوا قد طلبوا غير الحاصل مما لا يلجىء لجاجاً وعناداً، ويكون الجواب بالملجىء حينئذ من أسلوب الحكيم أو يكون جواباً بما يستلزم مطلوبهم بطريق أقوى وهو أبلغ.

و (من) لابتداء الغاية. والجار والمجرور يجوز أن يكون متعلقاً بنزل، وأن يكون متعلقاً بمحذوف وقع صفة لآية. وما يفيده التعرض لعنوان ربوبيته تعالى له عليه الصلاة والسلام من الإشعار بالعلية إنما هو بطريق التعريض بالتهكم من جهتهم. والاقتصار في الجواب على بيان قدرته سبحانه وتعالى على التنزيل مع أنها ليست في حيز الإنكار للإيذان بأن عدم تنزيله تعالى للآية مع قدرته عليه لحكمة بالغة يجب معرفتها وهم عنها غافلون كما ينبىء عنه الاستدراك. وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة مع الإشعار بالعلية. ومفعول { يَعْلَمُونَ } إما مطروح بالكلية على معنى أنهم ليسوا من أهل العلم أو محذوف مدلول عليه بقرينة المقام أي لا يعلمون شيئاً. وتخصيص عدم العلم بأكثرهم لما أن بعضهم واقفون على حقيقة الحال وإنما يفعلون ما يفعلون مكابرة وعناداً. وقرأ ابن كثير { ينزل } بالتخفيف، والمعنى هنا ـ كما قيل ـ واحد لأنه لم ينظر إلى التدريج وعدمه.