التفاسير

< >
عرض

يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ
١٢
-الصف

روح المعاني

{ يَغْفرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } جواب للأمر المدلول عليه بلفظ الخبر كما في قولهم: اتقى الله تعالى امرؤ وفعل خيراً يثب عليه؛ أو جواب لشرط، أو استفهام دل عليه الكلام، والتقدير إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم، أو هل تقبلون أن أدلكم؟ أو هل تتجرون بالإيمان والجهاد يغفر لكم؟ وقال الفراء: جواب للاستفهام المذكور أي هل أدلكم؟ وتعقب بأن مجرد الدلالة لا يوجب المغفرة، وأجيب بأنه كقوله تعالى: { { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [إبراهيم: 31] وقد قالوا فيه: إن القول لما كان للمؤمن الراسخ الإيمان كان مظنة لحصول الامتثال فجعل كالمحقق وقوعه فيقال هٰهنا: لما كانت الدلالة مظنة لذلك نزلت منزلة المحقق، ويؤيده { { إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الصف: 11] لأن من له عقل إذا دله سيده على ما هو خير له لا يتركه، وادعاء الفرق بما ثمة من الإضافة التشريفية وما هنا من المعاتبة قيل: غير ظاهر فتدبر، والإنصاف أن تخريج الفراء لا يخلو / عن بعد، وأما ما قيل: من أن الجملة مستأنفة لبيان أن ذلك خير لهم، و { يغفر } مرفوع سكن آخره كما سكن آخر أشرب في قوله :

فاليوم (أشرب) غير مستحقب إثماً من الله ولا واغل

فليس بشيء لما صرحوا به من أن ذلك ضرورة.

{ وَيُدْخلْكُمْ حَنَّـٰت تَجْري مِنْ تَحْتهَا الأَنْهَـٰرُ وَمَسـٰكنَ طَيِّبَةً } أي طاهرة زكية مستلذة، وهذا إشارة إلى حسنها بذاتها، وقوله تعالى: { في جَنَّـٰت عَدْن } إشارة إلى حسنها باعتبار محلها { ذٰلكَ } أي ما ذكر من المغفرة وما عطف عليها { الفَوْزُ العَظيمُ } الذي لا فوز وراءه.