التفاسير

< >
عرض

كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ
٣
-الصف

روح المعاني

بيان / لغاية قبح ما فعلوه. و { كَبُرَ } من باب بئس فيه ضمير مبهم مفسر بالنكرة بعده، و { أَن تَقُولُواْ } هو المخصوص بالذم، وجوز أن يكون في { كَبُرَ } ضمير يعود على المصدر المفهوم من قوله سبحانه: { { لِمَ تَقُولُونَ } [الصف: 2] أي كبر هو أي القول مقتاً؛ و { أَن تَقُولُواْ } بدل من المضمر أو خبر مبتدأ محذوف، وقيل: قصد فيه كثر التعجب من غير لفظه كما في قوله:

وجارة جساس أبأنا بنابها كليباً غلت ناب كليب بواؤها

ومعنى التعجب تعظيم الأمر في قلوب السامعين. وأسند إلى { أَن تَقُولُواْ } ونصب { مَقْتاً } على تفسيره دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه لفرط تمكن المقت منه، واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض وأبلغه، ومنه نكاح المقت لتزوج الرجل امرأة أبيه، ولم يقتصر على أن جعل البغض كبيراً حتى جعل أشده وأفحشه، و{ عِندَ ٱللَّهِ } أبلغ من ذلك لأنه إذا ثبت كبر مقته عند الله تعالى الذي يحقر دونه سبحانه كل عظيم فقد تم كبره وشدته وانزاحت عنه الشكوك. وتفسير المقت بما سمعت ذهب إليه غير واحد من أهل اللغة، وقال ابن عطية: المقت البغض من أجل ذنب أو ريبة أو دناءة يصنعها الممقوت، وقال المبرد: رجل ممقوت ومقيت إذا كان يبغضه كل واحد.

واستدل بالآية على وجوب الوفاء بالنذر؛ وعن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا فسكت، فقيل له: حدثنا فقال: وما تأمرونني أن أقول ما لا أفعل، فأستعجل مقت الله عز وجل.