التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٥
-المنافقون

روح المعاني

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ } أي عطفوها وهو كناية عن التكبر والإعراض على ما قيل؛ وقيل: هو على حقيقته أي حركوها استهزاءاً، وأخرجه ابن المنذر عن ابن جريج { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } يعرضون عن القائل أو عن الاستغفار { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } عن ذلك.

روي أنه لما صدق الله تعالى زيد بن أرقم فيما أخبر به عن ابن أبـي، مقت الناس ابن أبـي ولامه المؤمنون من قومه، وقال بعضهم له: امض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بذنبك يستغفر لك فلوى رأسه إنكاراً لهذا الرأي، وقال لهم: لقد أشرتم علي بالإيمان فآمنت، وأشرتم علي بأن أعطي زكاة مالي ففعلت، ولم يبق لكم إلا أن تأمروني بالسجود لمحمد صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أخرجه عبد بن حميد وابن أبـي حاتم "عن ابن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: تب فجعل يلوي رأسه فأنزل الله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } " الخ، وفي حديث أخرجه الإمام أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وغيرهم عن زيد بعد نقل القصة إلى أن قال: حتى أنزل الله تعالى تصديقي في { { إِذَا جَاءكَ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ } [المنافقون: 1] ما نصه فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم، فجمع الضمائر: إما على ظاهره، وإما من باب بنو تميم قتلوا فلاناً، و(إذا) على ما مر، و { يَسْتَغْفِرِ } مجزوم في جواب الأمر، و { رَسُولِ ٱللَّهِ } / فاعل له، ((والكلام على ما في «البحر» من باب الإعمال لأن { رَسُولِ ٱللَّهِ } يطلبه عاملان: { يَسْتَغْفِرِ } و { تَعَالَوْاْ } فأعمل الثاني على المختار عند أهل البصرة ولو أعمل الأول لكان التركيب تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله، وجملة { يَصِدُّونَ } في موضع الحال، وأتت بالمضارع ليدل على الاستمرار التجددي، ومثلها في الحالية جملة { هُمْ مُّسْتَكْبِرُونَ })).

وقرأ مجاهد ونافع وأهل المدينة وأبو حيوة وابن أبـي عبلة والمفضل وأبان عن عاصم والحسن ويعقوب ـ بخلاف عنهما ـ { لووا } بتخفيف الواو، والتشديد في قراءة باقي السبعة للتكثير.

ولما نعى سبحانه عليهم إباءهم عن الإتيان ليستغفر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعراضهم واستكبارهم أشار عز وجل إلى عدم فائدة الاستغفار لهم لما علم سبحانه من سوء استعدادهم واختيارهم بقوله تعالى: { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ }.