التفاسير

< >
عرض

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً
٧
-الطلاق

روح المعاني

{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ } أي ضيق { فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ } وإن قل، والمراد لينفق كل واحد من الموسر والمعسر ما يبلغه وسعه. والظاهر أن المأمور بالإنفاق الآباء، ومن هنا قال ابن العربـي: ((هذه الآية أصل في وجوب النفقة على الأب، وخالف في ذلك محمد بن المواز فقال بوجوبها على الأبوين على قدر الميراث))، وحكى أبو معاذ أنه قرىء { لِيُنفِقْ } بلام كي ونصب القاف على أن التقدير شرعنا ذلك لينفق. وقرأ ابن أبـي عبلة { قدر } مشدد الدال.

{ لاَ يُكَلّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا ما ءَاتٰها } أي إلا بقدر ما أعطاها من الطاقة، وقيل: ما أعطاها من الأرزاق قل أو جل، وفيه تطييب واستمالة لقلب المعسر لمكان عبارة { ءَاتٰها } الخاصة بالإعسار قبل وذكر العسر بعد. واستدل بالآية من قال لا فسخ بالعجز عن الإنفاق على الزوجة، وهو ما ذهب إليه عمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وجماعة، وعن أبـي هريرة والحسن وابن المسيب ومالك والشافعي وأحمد وإسحٰق يفسخ النكاح بالعجز عن الإنفاق ويفرق بين الزوجين. وفيها على ما قال السيوطي: استحباب مراعاة الإنسان حال نفسه في النفقة والصدقة، ففي الحديث "إن المؤمن أخذ عن الله تعالى أدباً حسناً إذا هو سبحانه وسع عليه وسع وإذا هو عز وجل قتر عليه قتر" .

وقوله تعالى: { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } موعد لفقراء ذلك الوقت بفتح أبواب الرزق عليهم، أو لفقراء الأزواج إن أنفقوا ما قدروا عليه ولم يقصروا، وهو على الوجهين تذييل إلا أنه على الأول مستقل، وعلى الثاني غير مستقل.