التفاسير

< >
عرض

أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
١٧
-الملك

روح المعاني

{ أَمْ أَمِنتُمْ مّن فِى ٱلسَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَـٰصِباً } إضراب عن الوعيد بما تقدم إلى الوعيد بوجه آخر أي بل أأمنتم من في السماء أن يرسل الخ. وقد تقدم الكلام في الحاصب. والوعيد بالخسف أولاً لمناسبة ذكر الأرض في قوله تعالى { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً } [الملك: 15] وقد ذكر المنة في تسهيل المشي في مناكبها وذكر إرسال الحاصب ثانياً وهذا في مقابلة الامتنان بقوله تعالى: { وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ } [الملك: 15] ألا ترى إلى قوله تعالى: { { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } [الذاريات: 22] قاله في «الكشف».

وفي «غرة التنزيل» للراغب في وجه تقديم الوعيد بالخسف على التوعد بالحاصب أنه لما كانت الأرض التي مهدها سبحانه وتعالى لهم لاستقرارهم يعبدون فيها خالقها فعبدوا الأصنام التي هي شجرها أو حجرها خوفوا بما هو أقرب إليهم والتخويف بالحاصب من السماء التي هي مصاعد كلمهم الطيبة ومعارج أعمالهم الصالحة لأجل أنهم بدلوهما بسيئات كفرهم وقبائح أعمالهم ولعل ما أشير إليه أولاً أولى.

{ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } أي إنذاري فنذير مصدر مثله في قول حسان:

/ فأنذر مثلها نصحاً قريشاً من الرحمن إن قبلت نذيري

وهو مضاف إلى ياء الضمير، والقراء مختلفون فيها فمنهم من حذفها وصلاً وأثبتها وقفاً، ومنهم من حذفها في الحالين اكتفاء بالكسرة، والمعنى فستعلمون ما حال إنذاري وقدرتي على إيقاعه عند مشاهدتكم للمنذر به ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ. وقرىء شاذاً (فسيعلمون) بالياء التحتانية.