التفاسير

< >
عرض

أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ
٢٠
-الملك

روح المعاني

{ أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِى هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } متعلق عند كثير بقوله سبحانه { { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ } [الملك: 19] فقال في «الإرشاد» ((هو تبكيت لهم بنفي أن يكون لهم ناصر غير الله تعالى كما يلوح به التعرض لعنوان الرحمانية، ويعضده قوله تعالى { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ } أو ناصر من عذابه تعالى كما هو الأنسب بقوله تعالى بعد { إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ } [الملك: 21] كقوله تعالى { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا } [الأنبياء: 43] في المعنيين معاً خلا أن الاستفهام هناك متوجه إلى نفس المانع وتحققه وهنا متوجه إلى تعيين الناصر لتبكيتهم بإظهار عجزهم عن تعيينه)).

و{ أَمْ } منقطعة مقدرة ببل [المفيدة] للانتقال من توبيخهم على ترك التأمل فيما يشاهدونه من أحوال الطير، المنبئة عن تعاجيب آثار قدرة الله عز وجل إلى التبكيت بما ذكر، والالتفات للتشديد في ذلك، ولا سبيل إلى تقدير الهمزة معها لأن [ما] بعدها من الاستفهامية والاستفهام لا يدخل على الاستفهام في المعروف عندهم. وهي مبتدأ و{ هَـٰذَا } خبره. وفي الموصول هنا الاحتمالات المشهورة في مثله وجملة { يَنصُرُكُمْ } صفة لجند باعتبار لفظه و { مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } على الوجه الأول إما حال من فاعل { يَنصُرُكُمْ } أو نعت لمصدره وعلى الثاني متعلق بينصركم كما في قوله تعالى { مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ } [هود: 30] فالمعنى من هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ينصركم متجاوزاً نصر الرحمن، أو ينصركم نصراً كائناً من دون نصره تعالى أو ينصركم من عذاب كائن من عند الله عز وجل.

وقوله تعالى: { إِنِ ٱلْكَـٰفِرُونَ إِلاَّ فِى غُرُورٍ } اعتراض مقرر لما قبله ناع عليهم ما هم فيه من غاية الضلال أي ما هم في زعمهم - أنهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم لا بحفظه تعالى فقط أو أن آلهتهم تحفظهم من بأس الله تعالى - إلا في غرور عظيم وضلال فاحش من جهة الشيطان ليس لهم في ذلك شيء يعتد به في الجملة. والالتفات إلى الغيبة للإيذان باقتضاء حالهم للإعراض عنهم وبيان قبائحهم للغير. والإظهار في موضع الإضمار لذمهم بالكفر وتعليل غرورهم به.