التفاسير

< >
عرض

تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
٨
-الملك

روح المعاني

{ تَكَادُ تَمَيَّزُ } أي ينفصل بعضها من بعض { مِنَ ٱلْغَيْظِ } من شدة الغضب عليهم. قال الراغب ((الغيظ أشد الغضب)) وقال المرزوقي في «الفصيح» إنه الغضب أو أسوءه. وقد شبه اشتعال النار بهم في قوة تأثيرها فيهم وإيصال الضرر إليهم باغتياظ المغتاظ على غيره المبالغ في إيصال الضرر إليه على سبيل الاستعارة التصريحية، ويجوز أن تكون هنا تخييلية تابعة للمكنية بأن تشبه جهنم في شدة غليانها وقوة تأثيرها في أهلها بإنسان شديد الغيظ على غيره مبالغ في إيصال الضرر إليه فتوهم لها صورة كصورة الحالة المحققة الوجدانية وهي الغضب الباعث على ذلك، واستعير لتلك الحالة المتوهمة للغيظ. وجوز أن يكون الإسناد في { تَكَادُ تَمَيَّزُ } إلى جهنم مجازاً وإنما الإسناد الحقيقي إلى الزبانية وأن يكون الكلام على تقدير مضاف أي تميز زبانيتهم من الغيظ وقيل إن الله تعالى يخلق فيها إدراكاً فنغتاظ عليهم فلا مجاز بوجه من الوجوه وورد في بعض الأخبار ما يؤيد ذلك وزعم بعضهم أنه لا حاجة لشيء مما ذكر لمكان { تَكَادُ } كما في قوله تعالى { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ } [النور: 35] وفيه ما فيه والجملة / اما حال من فاعل { تَفُورُ } [الملك: 7] أو خبر آخر.

وقرأ طلحة (تتميز) بتاءين وأبو عمرو (تكاد تميز) بإدغام الدال في التاء والضحاك (تمايز) على وزن تفاعل وأصله تتمايز بتاءين وزيد بن علي وابن أبـي عبلة (تميز) من ماز.

{ كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ } استئناف مسوق لبيان حال أهلها بعد بيان نفسها وقيل لبيان حال آخر من أحوال أهلها. وجوز أن تكون الجملة حالاً من ضميرها أي كلما ألقي فيها جماعة من الكفرة { سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا } وهم مالك وأعوانه عليهم السلام. والسائل يحتمل أن يكون واحداً وأن يكون متعدداً وليس السؤال سؤال استعلام بل هو سؤال توبيخ وتقريع، وفيه عذاب روحاني لهم منضم إلى عذابهم الجسماني { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } يتلو عليكم آيات الله وينذركم لقاء يومكم هذا.