التفاسير

< >
عرض

فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٤
-القلم

روح المعاني

{ فَذَرْنِى وَمَن يُكَذّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ } أي إذا كان حالهم ما سمعت فَكِلْ من يكذب بالقرآن إليَّ واستكفنيه فإن فيَّ ما يفرغ بالك ويخلي همك، وهو من بليغ الكلام يفيد أن المتكلم واثق بأنه يتمكن من الوفاء بأقصى ما يدور حول أمنية المخاطب وبما يزيد عليه، وقد حققه جار الله بما حاصله أن من استكفى أحداً ترك الأمر إليه وإلا كان استعانة لا استكفاء فأقيم الرادف أعني التخلية وأن يذره وإياه مقام الاستكفاء مبالغة وإنباء عن الكفاية البالغة كيف وهذا الكافي طلب الاستكفاء بقوله { ذَرْنِى } وأبرز ترك الاستكفاء في صورة المنع مبالغة على مبالغة فلو لم يكن شديد الوثوق بتمكنه من الوفاء أقصى التمكن وفوق ما يحوم حول خاطر المستكفي لما كان للطلب على هذا الوجه الأبلغ وجه و(مَنْ) في موضع نصب إما عطفاً على المنصوب في { ذَرْنِى } أو على أنه مفعول معه.

وقوله تعالى: { سَنَسْتَدْرِجُهُم } استئناف مسوق لبيان كيفية التعذيب المستفاد من الكلام السابق إجمالاً، والضمير لمن والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد في { يكذب } باعتبار لفظها، أي سنستنزلهم إلى العذاب درجة فدرجة بالإمهال وإدامة الصحة وازدياد النعمة { مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } أنه استدراج بل يزعمون أن ذلك إيثار لهم وتفضيل على المؤمنين مع أنه سبب لهلاكهم.