التفاسير

< >
عرض

لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
١٢
-الحاقة

روح المعاني

{ لِنَجْعَلَهَا } أي الفعلة التي هي عبارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين { لَكُمْ تَذْكِرَةً } عبرة ودلالة على كمال قدرة الصانع وحكمته وقوة قهره وسعة رحمته { وَتَعِيَهَا } أي تحفظها، والوعي أن تحفظ الشيء في نفسك والإيعاء أن تحفظه في غير نفسك من وعاء { أُذُنٌ وٰعِيَةٌ } أي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره وإشاعته والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به. وعن قتادة الواعية هي التي عقلت عن الله تعالى وانتفعت بما سمعت من كتاب الله تعالى "وفي الخبر أن النبـي صلى الله عليه وسلم قال لعلي كرم الله تعالى وجهه إني دعوت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي" قال علي كرم الله تعالى وجهه فما سمعت شيئاً فنسيته وما كان لي أن أنسى وفي جعل الأذن واعية وكذا جعلها حافظة ومتذكرة ونحو ذلك تَجَوُّز، والفاعل لذلك إنما هو صاحبها ولا ينسب لها حقيقة إلا السمع.

والتنكير للدلالة على قلتها وأن من هذا شأنه مع قلته يتسبب لنجاة الجم الغفير وإدامة نسلهم. وقيل ضمير (نجعلها) للجارية وجعلها تذكرة لما أنه على ما قال قتادة أدركها أوائل هذه الأمة أي أدركوا ألواحها على الجودي كما قال ابن جريج، بل قيل إن بعض الناس وجد شيئاً من أجزائها بعد الإسلام بكثير، والله تعالى أعلم بصحته، ولا يخفى أن المعول عليه ما قدمناه.

وقرأ ابن مصرف وأبو عمرو في رواية هٰرون وخارجة عنه وقنبل بخلاف عنه (وتعيها) بإسكان العين على التشبيه بكتف وكبد كما قيل. وقرأ حمزة بإخفاء الكسرة، وروى عن عاصم أنه قرأ بتشديد الياء قال في «البحر» ((قيل هو خطأ وينبغي أن يتأول على أنه أريد به شد بيان الياء احترازاً ممن سكنها لا إدغام حرف في حرف ولا ينبغي أن يجعل ذلك من التضعيف في الوقف ثم أجري الوصل مجرى الوقف وإن كان قد ذهب إليه بعضهم وروي عن حمزة وموسى بن عبد الله العبسي (وتعيها) بإسكان الياء فاحتمل الاستئناف وهو الظاهر واحتمل أن يكون مثل قراءة (من أوسط ما تطعمون أهاليكم) [المائدة: 89] بسكون الياء)) وقرأ نافع (أذْن) بإسكان الذال للتخفيف.