التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
-الحاقة

روح المعاني

شروع في بيان نفس الحاقة وكيفية وقوعها إثر بيان عظم شأنها بإهلاك مكذبيها. والمراد بالنفخة الواحدة النفخة الأولى التي عندها خراب العالم كما قال ابن عباس، وقال ابن المسيب ومقاتل هي النفخة الآخرة، والأول أولى لأنه المناسب لما بعد وإن كانت الواو لا تدل على الترتيب لكن مخالفة الظاهر من غير داع مما لا حاجة إليه. والنفخة قال جار الله في «حواشي كشافه» المرة ودلالتها على النفخ اتفاقية غير مقصودة وحدوث الأمر العظيم بها وعلى عقبها إنما استعظم من حيث وقوع النفخ مرة واحدة لا من حيث إنه نفخ فنبه على ذلك بقوله سبحانه { وَاحِدَةٌ } وعن ابن الحاجب أن (نفخة) لم يوضع للدلالة على الوحدة على حيالها وإنما وضع للدلالة على النفخ والدلالة على الوحدة اتفاقية غير مقصودة. وتعقب بأن هذا بعد التسليم لا يضر لأن الكلام في مقتضى المقام لا أصل الوضع، وقد تقرر أن الذي سيق له الكلام يجعل معتمداً حتى كأن غيره مطروح فالمرة هي المعتمدة نظراً للمقام دون النفخ نفسه وإن كان النظر إلى ظاهر اللفظ يقتضي العكس فافهم. وأياً ما كان فإسناد الفعل إلى نفخة ليس من إسناد الفعل إلى المصدر المؤكد كضرب ضرب وإن لم يلاحظ ما بعده من قوله سبحانه { وَاحِدَةٌ } وحسن تذكير الفعل للفصل، وكون المرفوع غير حقيقي التأنيث، وكونه مصدراً فقد ذكر الجاربردي في «شرح الشافية» أن تأنيثه غير معتبر لتأويله بأن والفعل والمشهور أن (واحدة) صفة مؤكدة وأطلق عليها بعضهم التوكيد وبعضهم البيان، وذكر الطيبـي أن التوابع كالبدل، وعطف البيان والصفة بيان من وجه للمتبوع عند أرباب المعاني وتمام الكلام في ذلك في «المطول».

وقرأ أبو السمال (نفخةً واحدةً) بنصبهما على إقامة الجار والمجرور / مقام الفاعل.