التفاسير

< >
عرض

هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
-الحاقة

روح المعاني

أي بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا، وبه فسره ابن عباس ومجاهد والضحاك وعكرمة والسدي وأكثر السلف، أو ملكي وتسلطي على الناس وبقيت فقيراً ذليلاً، أو تسلطي على القوى والآلات التي خلقت لي فعجزت عن استعمالها في الطاعات يقول ذلك تحسراً وتأسفاً وإلى هذا ذهب قتادة مشيراً إلى وجه اختياره دون الثاني. أخرج عبد بن حميد عنه أنه قال أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله تعالى خلقهم وسلطهم على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته، وبما أشار إليه رجح الأول على الثاني أيضاً لكن قيل ما بعد أشد مناسبة له وستطلع إن شاء الله تعالى على ذلك. وعن ابن عباس أنها نزلت في الأسود بن عبد الأشد ويحكى عن فنَّاخسرو الملقب بعضد الدولة ابن بويه أنه لما أنشد قوله:

ليس شرب الكاس إلا في المطر وغناء من جوار في سحر
غانيات سالبات للنهى ناعمات في تضاعيف الوتر
مبرزات الكأس من مطلعها ساقيات الراح من فاق البشر
عضد الدولة وابن ركنها ملك الأملاك غلاب القدر

لم يفلح بعده وجن وكان لا ينطلق لسانه إلا بهذه الآية. وفي «يتيمة الثعالبـي» أنه لما احتضر لم ينطلق لسانه إلا بتلاوة { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ * هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } نسأل الله تعالى العفو والعافية. وروي عن أبـي عمرو أنه أدغم هاء السكت من { مَالِيَهْ } [الحاقة: 28] في هاء { هَّلَكَ } وهو ضعيف قياساً لأن هاء السكت لا تدغم لكون الوقف عليها محققاً أو مقدراً كما في «شرح التوضيح» وفيه رواية الإدغام فيما ذكر عن ورش وتعقب بأن المروي عنه إنما هو النقل في كتابيه إني والله تعالى أعلم.