التفاسير

< >
عرض

لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ
٤١
-الأعراف

روح المعاني

{ لَهُم مّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ } أي فراش من تحتهم، وتنوينه للتفخيم وهو فاعل الظرف أو مبتدأ، والجملة إما مستأنفة أو حالية، و (من) تجريدية، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالاً من { مِهَادٌ } لتقدمه { وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ } أي أغطية جمع غاشية، وعن ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي أنها اللحف. والآية ـ على ما قيل ـ مثل قوله تعالى: { { لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } [الزمر: 16] والمراد أن النار محيطة بهم من جميع الجوانب وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن النبـي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ثم قال: "هي طبقات من فوقه وطبقات من تحته لا يدري ما فوقه أكثر أو ما تحته غير أنه ترفعه الطبقات السفلى وتضعه الطبقات العليا ويضيق فيما بينهما حتى يكون بمنزلة الزج في القدح" وتنوين { غَوَاشٍ } عوض عن الحرف المحذوف أو حركته، والكسرة ليست للإعراب وهو غير منصرف لأنه على صيغة منتهى الجموع، وبعض العرب يعربه بالحركات الظاهرة على ما قبل الياء لجعلها محذوفة نسياً منسياً، ولذا قرىء { غَوَاش } بالرفع كما في قوله تعالى: { { وَلَهُ ٱلْجَوَارِ ٱلْمُنشَئَاتُ } [الرحمٰن: 24] في قراءة عبد الله.

{ وَكَذٰلِكَ } أي ومثل ذلك الجزاء الشديد { نَجْزِى ٱلظَّـٰلِمِينَ } عبر عنهم بالمجرمين تارة وبالظالمين أخرى للتنبيه على أنهم بتكذيبهم بالآيات واستكبارهم عنها جمعوا الصفتين. وذكر الجرم مع الحرمان من الجنة والظلم مع التعذيب بالنار تنبيهاً على أنه أعظم الأجرام، ولا يخفى على المتأمل في لطائف القرآن العظيم ما في إعداد المهاد والغواشي لهؤلاء المستكبرين عن الآيات ومنعهم من العروج إلى الملكوت وتقييد عدم دخولهم الجنة بدخول البعير بخرق الإبرة من اللطافة فليتأمل.