التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩١
-الأعراف

روح المعاني

{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } أي الزلزلة كما قال الكلبـي وفي سورة هود [94] { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } أي صيحة جبريل عليه السلام، ولعلها كانت من مبادي الرجفة فأسند إهلاكهم إلى السبب القريب تارة وإلى البعيد أخرى، وقال بعضهم: إن القصة غير واحدة فإن شعيباً عليه السلام بعث إلى أمتين أهل مدين وأهل الأيكة فأهلكت إحداهما بالرجفة والأخرى بالصيحة، وفيه أنه إنما يتم لو لم يكن هلاك أهل مدين بالصيحة، والمروي عن قتادة أنهم الذين أهلكوا بها وأن أهل الأيكة أهلكوا بالظلة. وجاء في بعض الآثار أن أهل مدين أهلكوا بالظلة والرجفة، فقد روي عن ابن عباس وغيره في هذه الآية إن الله تعالى فتح عليه باباً من جهنم فأرسل عليهم حراً شديداً فأخذ بأنفاسهم ولم ينفعهم ظل ولا ماء فكانوا يدخلون الأسراب فيجدونها أشد حراً من الظاهر فخرجوا إلى البرية فبعث الله تعالى سحابة فيها ريح طيبة فأظلتهم فوجدوا لها برداً فنادى بعضهم بعضاً حتى اجتمعوا تحتها رجالهم ونساؤهم وصبياهم فألهبها عليهم ناراً ورجفت بهم الأرض فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي وصاروا رماداً. ويشكل على هلاكهم جميعاً نساء ورجالاً ما نقل عن عبد الله البجلي قال: كان أبو جاد وهوَّز وحطى وكلمن وسعفص وقرشت ملوك مدين وكان ملكهم في زمن شعيب عليه السلام كلمن فلما هلك يوم الظلة رثته ابنته بقولها:

كلمن قد هد ركني هلكه وسط المحله
سيد القوم أتاه الحـ ـتف نار تحت ظله
جعلت نار عليهم دارهم كالمضمحله

اللهم إلا أن يقال: إنها كانت مؤمنة فنجت، وقد يقال: إن هذا الخبر مما ليس له سند يعول عليه.

{ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ } تقدم نظيره.