التفاسير

< >
عرض

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً
١٢
-نوح

روح المعاني

{ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ } أي بساتين { وَيَجْعَل لَّكُمْ } فيها أو مطلقاً { أَنْهَاراً } جارية وأعاد فعل الجعل دون أن يقول يجعل لكم جنات وأنهاراً لتغايرهما فإن الأول مما لفعلهم مدخل فيه بخلاف الثاني ولذا قال { وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ } ولم يعد العامل كذا قيل وهو كما ترى، ولعل الأولى أن يقال إن الإعادة للاعتناء بأمر الأنهار لما أن لها مدخلاً عادياً أكثرياً في وجود الجنات وفي بقائها مع منافع أخر لا تخفى ورعاية لمدخليتها في بقائها الذي هو أهم من أصل وجودها مع قوة هذه المدخلية أخرت عنها وإن ترك إعادة العامل مع البنين لأنه الأصل أو لأنه لما كان الإمداد أكثر ما جاء في المحبوب ولا تكمل محبوبية كل من الأموال والبنين بدون الآخر ترك إعادة العامل بينهما للإشارة إلى أن التفضل بكل غير منغص بفقد الآخر وتأخير البنين قيل لأن بقاء الأموال غالباً بهم لا سيما عند أهل البادية مع رمز إلى أن الأموال تصل إليهم آخر الأمر وهو مما يسر المتمول كما لا يخفى فتأمل وقال البقاعي: المراد بالجنات والأنهار ما في الآخرة والجمهور على الأول.

وروي عن الربيع بن صبيح أن رجلاً أتى الحسن وشكا إليه الجدب فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فقال ادع الله سبحانه أن يرزقني ابناً فقال له استغفر الله تعالى وأتاه آخر فشكا إليه جفاف بساتينه فقال له استغفر الله تعالى فقلنا أتاك رجال يشكون ألواناً ويسألون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار فقال ما قلت من نفسي شيئاً إنما اعتبرت قول الله عز وجل حكاية عن نبيه نوح عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } [نوح: 10] الآية.