التفاسير

< >
عرض

رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً
٩
-المزمل

روح المعاني

{ رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ } مرفوع على المدح وقيل على الابتداء خبره { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما (رب) بالنصب على الاختصاص والمدح وهو يؤيد الأول. وقرأ الأخوان وابن عامر وأبو بكر ويعقوب (رب) بالجر على أنه بدل من { رَبِّكَ } [المزمل: 8] وقيل على إضمار حرف القسم وجوابه { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } وفيه حذف حرف القسم من غير ما يسد مسده وإبقاء عمله وهو ضعيف جداً كما بين في العربية، وقد نقل هذا عن ابن عباس وتعقبه أبو حيان بقوله لعله لا يصح عنه إذ فيه إضمار الجار في القسم ولا يجوز عند البصريين إلا في لفظة الجلالة الكريمة نحو الله لأفعلن كذا ولا قياس عليه، ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية تنفى بما لا غير ولا تنفى بلا إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيراً وبماض في معناه قليلاً انتهى وظاهر كلام ابن مالك في «التسهيل» إطلاق وقوع الجملة المنفية جواباً للقسم. وقال في «شرح الكافية» إن الجملة الإسمية تقع جواباً للقسم مصدرة بلا النافية لكن يجب تكرارها إذا تقدم خبرها أو كان المبتدا معرفة نحو والله لا في الدار رجل ولا امرأة ووالله لا زيد في الدار ولا عمرو ومنه يعلم أن المسألة خلافية بين هذين الإمامين.

وقرأ ابن عباس وعبد الله وأصحابه (رب المشارق والمغارب) وبجمعهما وقد تقدم الكلام في وجه الإفراد والجمع.

والفاء في قوله تعالى: { فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } لترتيب الأمر وموجبه على اختصاص الألوهية والربوبية به عز وجل ووكيل فعيل بمعنى مفعول أي موكول إليه والمراد من اتخاذه سبحانه وكيلاً أن يعتمد عليه سبحانه ويفوض كل أمر / إليه عز وجل وذكر أن مقام التوكل فوق مقام التبتل لما فيه من رفع الاختيار وفيه دلالة على غاية الحب له تعالى وأنشدوا:

هواي له فرض تعطف أم جفا ومنهله عذب تكدر أم صفا
وكلت إلى المعشوق أمري كله فإن شاء أحياني وإن شاء أتلفا

ومن كلام بعض السادة: من رضي بالله تعالى وكيلاً وجد إلى كل خير سبيلاً.