التفاسير

< >
عرض

إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ
٣٥
-المدثر

روح المعاني

جواب للقسم وجوز أن يكون { كَلاَّ } [المدثر: 32] ردعاً لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر لما علم من أنَّ إن واللام من الكلام الإنكاري في جواب منكر مصر. وهذا تعليل لكلا والقسم معترض للتأكيد لا جواب له أو جوابه مقدر يدل عليه { كَلاَّ } وفي التعليل نوع خفاء فتأمل وضمير { إِنَّها } لسقر والكبر جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتائها فكما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها، ونظيرها السوافي في جمع السافياء والقواصع في جمع القاصعاء فإن فاعلة تجمع على فواعل باطراد لا فاعلاء لكن حمل فاعلاه على فاعلة لاشتراك الألف والتاء في الدلالة على التأنيث وضعاً فجمع فيهما على فواعل. وقول ابن عطية الكبر جمع كبيرة وهم كما لا يخفى أي إن سقر لإحدى الدواهي الكبر على معنى أن البلايا الكبيرة كثيرة وسقر واحدة منها قيل فيكون في ذلك إشارة إلى أن بلاءهم غير محصور فيها بل تحل بهم بلايا غير متناهية أو أن البلايا الكبيرة كثيرة وسقر من بينهم واحدة في العظم لا نظير لها وهذا كما يقال فلان أحد الأحدين وهو واحد الفضلاء وهي إحدى النساء وعلى هذا اقتصر الزمخشري ورجح الأول بأنه أنسب بالمقام ولعله لما تضمن من الإشارة وقيل المعنى إنها لإحدى دركات النار الكبر السبع لأنها جهنم ولظى والحطمة وسقر والسعير والجحيم والهاوية ونقل عن صاحب «التيسير» وليس بذاك أيضاً وقيل ضمير (إنها) يحتمل أن يكون للنذارة وأمر الآخرة قال في «البحر» فهو للحال / والقصة وقيل هو للساعة فيعود على غير مذكور.

وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير (لحدى الكبر) بحذف همزة إحدى وهو حذف لا ينقاس وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين.