التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ
١
-القيامة

روح المعاني

إدخال (لا) النافية صورة على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم قال امرؤ القيس:

لا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفر

وقول غوية بن سلمى يرثي:

ألا نادت أمامة باحتمال لتحزنني فلا بك ما أبالي

وملخص ما ذهب إليه جار الله في ذلك أن (لا) هذه إذا وقعت في خلال الكلام كقوله تعالى { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [النساء: 65] فهي صلة / تزاد لتأكيد القسم مثلها في قوله تعالى: { { لّئَلاَّ يَعْلَمَ } [الحديد: 29] لتأكيد العلم وأنها إذا وقعت ابتداء كما في هذه السورة وسورة البلد فهي للنفي لأن الصلة إنما تكون في وسط الكلام، ووجهه أن إنشاء القسم يتضمن الإخبار عن تعظيم المقسم به فهو نفي لذلك الخبر الضمني على سبيل الكناية، والمراد أنه لا يعظم بالقسم لأنه في نفسه عظيم أقسم به أولاً ويترقى من هذا التعظيم إلى تأكيد المقسم عليه إذ المبالغة في تعظيم المقسم به تتضمن المبالغة فيه، فما يختلج في بعض الخواطر من أنه يلزم أن يكون على هذا إخباراً لا إنشاءً فلا يستحق جواباً وأن المعنى على تعظيم المقسم عليه لا المقسم به مدفوع. ووراء ذلك أقوال فقيل إنها لنفي الإقسام لوضوح الأمر، وقال الفراء لنفي كلام معهود قبل القسم ورده فكأنهم هنا أنكروا البعث فقيل لا أي الأمر كذلك ثم قيل أقسم بيوم القيامة. وقدح الإمام فيه بإعادة حرف النفي بعد. وقيل إنها ليست لا وإنما اللام أشبعت فتحتها فظهر من ذلك ألف والأصل (لأقسم) كما قرأ به قنبل وروي عن البزي والحسن وهي لام الابتداء عند بعض والأصل لأنا أقسم وحذف المبتدأ للعلم به ولام التأكيد دخلت على الفعل المضارع كما في { إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } [النحل: 124] والأصل إني لأقسم عند بعض ولام القسم ولم يصحبها نون التوكيد لعدم لزوم ذلك وإِنما هو أغلبـي على ما حكي عن سيبويه مع الاعتماد على المعنى عند آخرين. وقال الجمهور إنها صلة واختاره جار الله في «المفصل» وما ذكر من الاختصاص غير مسلم لأن الزيادة إذا ثبتت في القسم فلا فرق بين أول الكلام وأوسطه لا أنه مسلم لكن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض لأن كونه كذلك بالنسبة إلى التناقض ونحوه لا بالنسبة إلى مثل هذا الحكم، ثم فهم ما ذكره في توجيه النفي من اللفظ بعيد وحال سائر الأقوال غير خفي، وقد مر بعض الكلام في ذلك فتذكر. والكلام في قوله تعالى: { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ }.