التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَآءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً
٢٢
-الإنسان

روح المعاني

{ إِنَّ هَذَا } الذي ذكر من فنون الكرامات الجليلة الشأن { كَانَ لَكُمْ جَزَاء } بمقابلة أعمالكم الصالحة التي اقتضاها حسن استعدادكم واختياركم. والظاهر أن المجىء بالفعل للتحقيق والدوام وجوز أن يكون المراد كان في علمي وحكمي وكذا في قوله تعالى: { وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً } أي مرضياً مقبولاً أو مجازى عليه غير مضيع. والكلام على ما روي عن ابن عباس على إضمار القول أي ويقال لهم بعد دخولهم الجنة ومشاهدتهم ما أعد لهم إن هذا الخ والغرض أن يزداد سرورهم فإنه يقال للمعاقب هذا بعملك الردىء فيزداد غمه وللمثاب هذا بطاعتك وعملك الحسن فيزداد سروره ويكون ذلك تهنئة له /. وجوز أن يكون خطاباً من الله تعالى في الدنيا كأنه سبحانه بعد أن شرح ثواب أهل الجنة قال: إن هذا كان في علمي وحكمي جزاءً لكم يا معشر عبادي وكان سعيكم مشكوراً قيل وهو لا يغني عن الإضمار ليرتبط بما قبله. وقد ذكر سبحانه من الجزاء ما تهش له الألباب وأعقبه جل وعلا بما يدل على الرضا الذي هو أعلى وأغلى لدى الأحباب:

إذا كنت عني يا منى القلب راضياً أرى كل من في الكون لي يتبسم

وروي من طرق "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه السورة وقد أنزلت عليه وعنده رجل من الحبشة أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة خرجت نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج نفس صاحبكم الشوق إلى الجنة" .

ولما ذكر سبحانه أولاً حال الإنسان وقسمه إلى الطائع والعاصي وأمعن جل شأنه فيما أعده للطائع مشيراً إلى عظم سعة الرحمة ذكر ما شرف به نبيه صلى الله عليه وسلم إزالة لوحشته وتقوية لقلبه فقال عز قائلاً: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ تَنزِيلاً }.