التفاسير

< >
عرض

يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٣١
-الإنسان

روح المعاني

وقوله تعالى: { يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِى رَحْمَتِهِ } الخ بيان لما تضمنته الجملة قبل، أي يدخل سبحانه في رحمته من يشاء أن يدخله فيها وهو الذي علم فيه الخير حيث يوفقه لما يؤدي إلى دخول الجنة من الإيمان والطاعة { وَٱلظَّـٰلِمِينَ } أي لأنفسهم وهم الذين علم فيهم الشر { أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } متناهياً في الإيلام ونصب (الظالمين) بإضمار فعل يفسره { أَعَدَّ } الخ وقدر يعذب وقد يقدر أوعد أو كافأ أو شبه ذلك ولم يقدر أعد لأنه لا يتعدى باللام.

وقرأ ابن الزبير وأبان بن عثمان وابن أبـي عبلة (والظالمون) على الابتداء وقراءة الجمهور أحسن وإن أوجبت تقديراً للطباق فيها وذهابه في هذه إذ الجملة عليها إسمية والأولى فعلية، ولا يقال زيادة التأكيد في طرف الوعيد مطلوبة لأنا نقول الأمر بالعكس لو حقق لسبق الرحمة الغضب. وقرأ عبد الله (وللظالمين) بلام الجر فقيل متعلق بما بعد على سبيل التوكيد وقيل هو بتقدير أعد للظالمين أعد لهم والجمهور على الأول.

ثم إن هذه السورة وإن تضمنت من سعة رحمة الله عز وجل ما تضمنت إلا أنها أشارت من عظيم جلاله سبحانه وتعالى إلى ما أشارت أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه والضياء في «المختارة» والحاكم وصححه وغيرهم "عن أبـي ذر قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ } [الإنسان: 1] حتى ختمها ثم قال إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجداً لله تعالى والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل" وهذا كالظاهر فيما قلنا نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الأبرار والمقربين الأخيار فيرزقنا جنة وحريراً ويجعل سعينا لديه مشكوراً بحرمة النبـي صلى الله عليه وسلم / وأهل بيته المطهرين من الرجس تطهيراً.