التفاسير

< >
عرض

إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً
٤
-الإنسان

روح المعاني

{ إِنَّا أَعْتَدْنَا } هيأنا { لِلْكَـٰفِرِينَ } من أفراد الإنسان الذي هديناه السبيل { سَلَـٰسِلَ } بها يقادون { وَأَغْلَـٰلاً } بها يقيدون { وَسَعِيراً } بها يحرقون. وتقديم وعيدهم مع تأخرهم للجمع بينهما في الذكر كما في قوله تعالى: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } [آل عمران: 106] الآية ولأن الإنذار أنسب بالمقام وحقيق بالاهتمام ولأن تصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين أحسن على أن وصفهم تفصيلاً ربما يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم.

وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر والأعمش (سلاسلاً) بالتنوين وصلاً وبالألف المبدلة منه وقفاً وقال الزمخشري وفيه وجهان. أحدهما: أن تكون هذه النون بدلاً عن حرف الإطلاق ويجري الوصل مجرى الوقف والثاني أن يكون صاحب القراءة ممن ضري برواية الشعر ومرن لسانه على صرف غير المنصرف. وفي الأول أن الإبدال من حروف الإطلاق في غير الشعر قليل كيف وضم إليه إجراء الوصل مجرى الوقف وفي الثاني تجويز القراءة بالتشهي دون سداد وجهها في العربية والوجه أنه لقصد الازدواج والمشاكلة فقد جوزوا لذلك صرف ما لا ينصرف لا سيما الجمع فإنه سبب ضعيف لشبهه بالمفرد في جمعه كصواحبات يوسف ونواكسي الأبصار ولهذا جوز بعضهم صرفه مطلقاً كما قيل:

والصرف في الجمع أتى كثيراً حتى ادعى قوم به التخييرا

/ وحكى الأخفش عن قوم من العرب أن لغتهم صرف كل ما لا ينصرف إلا أفعل من وصرف (سلاسلاً) ثابت في مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة وفي مصحف أبـي وعبد الله بن مسعود، وروى هشام عن ابن عامر (سلاسل) في الوصل و(سلاسلا) بألف دون تنوين في الوقف.