التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً
٥
-الإنسان

روح المعاني

{ إِنَّ ٱلاْبْرَارَ } شروع في بيان حسن حال الشاكرين إثر بيان سوء حال الكافرين، وإيرادهم بعنوان البر للإشعار بما استحقوا به ما نالوه من الكرامة السنية مع تجديد صفة مدح لهم. والأبرار جمع بر كرب وأرباب أو بار كشاهد وأشهاد بناء على أن فاعلاً يجمع على أفعال. والبر المطيع المتوسع في فعل الخير وقيل من يؤدي حق الله تعالى ويوفي بالنذر وعن الحسن: هو الذي لا يؤذي الذر ولا يرضى الشر.

{ يَشْرَبُونَ } في الآخرة { مِن كَأْسٍ } هي كما قال الزجاج الإناء إذا كان فيه الشراب فإذا لم يكن لم يسم كأساً. وقال الراغب الكأس الإناء بما فيه من الشراب ويسمى كل واحد منهما بانفراده كأساً والمشهور أنها تطلق حقيقة على الزجاجة إذا كانت فيها خمر ومجازاً على الخمر بعلاقة المجاورة والمراد بها هٰهنا قيل الخمر فمن تبعيضية أو بيانية وقيل الزجاجة التي فيها الخمر فمن ابتدائية وقوله تعالى: { كَانَ مِزَاجُهَا كَـٰفُوراً } أظهر ملاءمة للأول والظاهر أن هذا على منوال { كَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } [النساء: 17] والمجيء بالفعل للتحقيق والدوام. وقيل (كان) تامة من قوله تعالى { كُن فَيَكُونُ } [يس: 82] والمزاج ما يمزج به كالحزام لما يحزم به فهو اسم آلة. وكافور على ما قال الكلبـي علم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور وعرفه وبرده وصرف لتوافق الآي. والكلام على حذف مضاف أي ماء كافور. والجملة صفة (كأس) وهذا القول خلاف الظاهر ولعله إن لم يصح فيه خبر لا يقبل.

وقرأ عبد الله (قافوراً) بالقاف بدل الكاف وهما كثيراً ما يتعاقبان في الكلمة كقولهم عربـي قح وكح.